السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
اسمي محمد، أبلغ من العمر 15 عاما، ولكن أصبحت لا أستطيع الاستمتاع بحياتي وسني، وذلك بسبب والدي، قبل سنة كان الوضع عاديا، إلى أن أصبحنا أنا وأبي نكثر من الخروج معا، كنا نذهب معا ونتعشى خارج المنزل، ولكن كان أبي يلقي بهمومه علي ويشكو كثيرا من إخوتي، فقد تعب كثيرا حتى أوصلهم إلى حالة يستطيعون فيها أن يصرفوا على العائلة وعلى أنفسهم، ولكنهم لم يفعلوا، حيث اهتموا بشراء أشياء فارغة في نظره مثل الهواتف المحمولة.
هذا الأمر أثر علي، حيث أصبحت الآن لا أستطيع التفكير في أي شيء أريد امتلاكه إلا ويأتي صوت أبي في رأسي، وأتذكر أنني يجب ألا أكون مثل إخوتي، حتى وصلت حالة متقدمة، أصبحت لا أستطيع أن أنام؛ لأن ذلك لن يعطيني المال لأصرف على العائلة! ولأكون صريحا، أبي يملك الملايين من الجنيهات ولكن لديه نوع من البخل، فهناك أشياء كثيرة لا يحضرها لنا بالمنزل بحجة أن إخوتي يجب أن يقوموا بإحضارها، فقد حصلوا على وظائف! أنا الآن لا أستطيع الاستمتاع بحياتي والتفكير في المستقبل بسبب أبي، فكل ما أحاول أتذكر شكواه وهمومه، فماذا أصنع؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نرحب بك ابننا الكريم، ونشكر لك هذا القرب من الوالد، وهنيئا لك القرب منه، وهذا لأنه توسم فيك الخير، ولكن كلام الوالد لا يعنيك أنت بالضرورة، والمطلوب هو الاعتدال حتى لو كان الإنسان عنده المال، فالوالد يريد من إخوانك تحمل المسؤولية والقيام بواجباتهم، وأن يشعروا بأن ثمة واجبا عليهم، وأرجو أن يعلم الجميع أن الوالد يفرح بالدولار أو الريال من ابنه أكثر من الملايين من غيره، ولعل هذا الشعور هو الذي دفع الوالد لهذا الكلام، ولذلك مهما كانت أموال الإنسان فإن أهمية المشاركة في البيت، وإهداء هدية بسيطة للوالد أو الوالدة، قد تكون من الأهمية بمكان، والإنسان إذا كان عنده زكاة فإنه سيعطي هدية بدولار، وقد يأخذ مئات أو آلاف الدولارات في المقابل، الحياة أخذ وعطاء، ولعل هذا هو الذي يقصده الوالد، وهو يريد أن يفضض ويخرج ما في نفسه، هذا من ناحية.
والناحية الثانية هذا دليل على أنه يراك متميزا، ويريد أن يوصل إليك هذه الرسالة، وقد تبين أن الوالد يملك الأموال، ولكنه لا يريد أن ينفق، ولست أدري هل كان قبل ذلك ينفق؟ أم أن هذا البخل ملازم له قبل أن يتوظف إخوانك وبعد أن توظفوا؟ فإذا كان الوالد من المنفقين على الأسرة بسخاء، لكنه لما أخذ الأولاد الوظائف أخذ يحجم عن الإنفاق، فنعتقد أن هذه الرسالة ينبغي أن تصل للأبناء، وإذا كان هذا الأصل هو الذي كان عليه فلماذا الهم والغم وأنت تعرف الصواب في هذه المسألة؟
وحتى الوالد المهموم فهذه الهموم لم تتجاوز تلك الجلسة التي جلسها، ومن نجاح الإنسان أن لا يعطي للمعاني والأفكار السلبية للتوسع في نفسه، ينبغي أن تمر هذه المعاني مرور الكرام على نفسه، ودون أن يقف عندها طويلا؛ لأن الإنسان إذا وقف طويلا مع لحظات الأسى والهموم والغموم، فإن هذا خصم على سعادته، ويتضرر في صحته، وحتى الوالد لا يفكر بهذه الطريقة، وهو ينام ملئ جفونه، ولا يهتم بالكلام بعد أن أطلقه، وكأنه يريد أن يبث في ما في نفسه.
فأرجو أن يدخل هذه الكلام من أذن، ويخرج من الأذن الثانية، بعد أن تأخذ منه العبر والعظات، وأنت خير من يحكم بين الوالد وإخوانك، ولكننا نرفض أن تحمل نفسك ما لا تطيق، أن يصل عندك الهم إلى هذه الدرجة، فإذا نلت وظيفة، وأصبحت إنسانا كبيرا، فإن الوالد تفرحه الساعة، أو أي هدية بسيطة تجلبها له، أو حتى المسباح قد يفرح به، ويشعر أن أحد أبنائه أنفق عليه ولو دولارا واحدا، وإن كان الوالد من أصحاب الأموال، ويريد أن يترك أمواله وأن ينفق أولاده عليه، فإننا ندعوك إلى استرضائه بالكلام، وبعد ذلك يحافظون على أموالهم إذا كان الوالد ليس بحاجة، ويقولون أنت يا والدنا غال علينا والمال لك، وأنت أغلى من المال، ثم يتصرفوا التصرف المعقول والصواب، يفعلوا قبل ذلك وبعده ما يأمر الشرع، والشرع لا يكلف النفس فوق طاقتها، وقوموا بتلبية طلبات الوالد مهما كانت، وأرجو أن لا تهتم ولا تغتم حتى لا يؤثر ذلك على صحتك ونومك، فإنك أعطيت الموضوع أكبر من حجمه.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.