السؤال
السلام عليكم.
تزوجت الثانية لاحتياجي لأطفال، فحاولت الأولى الصبر على ذلك، وبعد شهر من زواجي بالثانية طلبت الأولى وبعد أن حاولت أن نستمر أن لا أبيت أو آكل في المنزل، وإنما أحضر متى ما رغبت أنا للجلوس مع أولادي الثلاثة.
احترت! فبالإضافة إلى حرمانها لي حقي الشرعي، أصبح الآن حرماني تقريبا من أطفالي رغم محبتي لها ولهم، وبذلت جهدا لإرضائها، ولكنها لا تستطيع تحمل فكرة أن لدي امرأة أخرى، لا أرغب في طلاقها، أو حرمانها من العيال، أو إخراجها من المنزل خوفا عليها، وأيضا على الأولاد، احترت ماذا أفعل؟!
والله المستعان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير.
ونحب أن نؤكد لك (بداية) أن ما حصل من الزوجة الأولى دليل على حبها لك، ودليل على غيرتها، وهذا من طبائع النساء، والحكمة مطلوبة من الرجل، عليك أن تصبر عليها وتحسن إليها وتتغاضى عن هفواتها، ونعتقد أن هذه سحابة صيف توشك أن تودع سماء الأسرة الكبيرة، وتعود الأمور بحول الله وقوته إلى مجاريها وإلى صوابها وسدادها.
ولكن هذا النجاح يتوقف على تعاملك مع الموقف وعلى حسن تدبيرك لهذه المسألة، على صبرك على هذه الزوجة، وإكرامها والإحسان إليها والمبالغة في إرضائها، وهذا أيضا من الأمور التي لا بد أن تهتم بها، إضافة إلى الصبر عليها، والصبر على هذه المواقف، ونذكرك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصبر على غيرة النساء، وكان يحتمل ويحتمل ويحتمل...، وما كان يتدخل للإنصاف إلا إذا تحولت الغيرة إلى عدوان على الطرف الآخر، لكن ما دام الأذى في نفسه كان يحتمله، بل كان عليه الصلاة والسلام يعاشر أهله بالمعروف، والعشرة بالمعروف ما يظن الناس أنها كانت مجرد كلام، بل العشرة بالمعروف لا تتحقق إلا بمحاور ثلاث لا بد فيها من:
1) بذل للندى: يبذل إحسانه لأهله ويبالغ في إكرامه، ويكون ضحاكا بساما، يدخل السرور والفرح والإكرام عليهم.
2) كف الأذى: فيتجنب الأذى والاحتقار، الأذى المادي أو الأذى المعنوي، وحاشا النبي صلى الله عليه وسلم.
3) الصبر على الجفا: قال الغزالي: أما النبي فقد زاد على ذلك بأنه كان يحتمل المواقف الصعبة، وكان يلتمس فيها الأعذار كما حصل من أمنا عائشة عندما كسرت الإناء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما لامها؛ لأن الغيرة من طبع النساء والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بجمع الطعام، بل جمعه بيديه الشريفتين، بل التمس لها الأعذار فقال للأضياف الكرام والصحابة العظام: (كلوا، غارت أمكم، كلوا، غارت أمكم) كأنه يعتذر لها، يحسن صورتها في أعينهم، ونحن قدوتنا هو الرسول – عليه صلاة الله وسلامه - .
وقد يكون من المفيد أيضا معرفة أسباب هذا التغير، فربما يكون هناك تدخلات، ونحن يؤسفنا أن كثيرا من الزوجات قد ترضى بمثل هذا الزواج كما حصل من زوجتك، لكن يأتي من يحرضها، يأتي من يتكلم عليها، يأتي من يقول حتى وهي تنظر وتسمع: (إنها جميلة فلماذا تزوج غيرها، مسكينة هذا جزائها؟! لقد صبرت عليه) إن هناك من يتكلم بلسان الشيطان والعياذ بالله من النساء.
لذلك معرفة مصادر مثل هذه الأمور سيكون أيضا له أثر كبير في تفهم الوضع، وفي السعي في علاجه بطريقة صحيحة.
المطلوب منك المبالغة في إكرامها، والمبالغة في الصبر عليها، والإحسان إليها، والاستجابة لبعض شروطها إذا لم ترغب في الحضور، تحتال على ذلك، وتعلن لها أنك بحاجة إليها، وبحاجة إلى أولادك، وبحاجة إلى الدخول عليهم، وأن هذه الأخت (الجديدة) هي أخت لها ما لها من الحقوق، وأنك كنت معجبا بصبرها، ولا تزال تنتظر منها الخير الكثير، وتبين لها أنها الأصل، أنها الزوجة الكبيرة، وأنها أم العيال، وأن حقها محفوظ، وأن هذا الذي قمت به هو شيء شرعي لا ترفضه هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
مهما حصل منها ومهما فعل ينبغي أن تنحني قليلا للعاصفة وتحتمل ما قد يأتي من إجراءات وتطورات، ولا تقابل إساءتها بإساءة، أو شدتها بشدة، أو قسوتها بقسوة، ولكن الصبر هو المطلوب {ادفع بالتي هي أحسن} ونحن نراهن -إن شاء الله- أن هذا الوضع لن يستمر بهذه الطريقة إذا سرت على هذه الخطى التي أشرنا إليها من حرص على الملاطفة، وصيانة الحقوق، وإكرام للزوجة، ورعاية للأولاد، وزيادة الاحتفاء بهم وباحتياجاتهم، فهم ليسوا في داخل القسمة، فإن لهم حقوقا مختلفة، القسمة بين الزواجات، لكن الأولاد لهم حق مختلف من الاهتمام بدراستهم، والاهتمام بحياتهم، والسعي في إدخال السرور عليهم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وسوف نكون سعداء في حال تواصلك مع الموقع، حتى نتابع معك هذه الأمور عن كثب، ونسأل الله لك التوفيق، وأن يصلح لنا ولكم الأحوال.