السؤال
السلام عليكم
أنا شاب تعرفت على فتاة تبلغ من العمر 18 سنة، ونيتي كانت البحث عن شريكة، فأحببتها وتعلقت بها لدرجة لا توصف، في يوم من الأيام صارحتني بعدم عذريتها، وحلفت بالله أن أحدا لم يمسسها، وإنما تعرضت للتحرش وهي في عمر الـ 10 سنوات من قبل أحد أقاربها.
قبلت بالأمر ولم أقبله نظرا لمبادئي، حاولت إقناع نفسي بنسيان الموضوع، ومواصلة مشواري معها، لكن في بعض الأحيان تنتابني شكوك ما إذا كانت تكذب.
المشكلة أني أصبحت بين نارين: نار الحب ونار الشك الذي ينتابني أحيانا، لقد تعبت نفسيا ومعنويا.
أرجوكم أعينوني، لأني لا أستطيع الابتعاد عنها وأريد إنهاء هذه الشكوك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Salim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بداية نرحب بك ابننا الفاضل، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونبارك لك هذا الشهر الفضيل، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وندعوك في هذا الشهر الفضيل إلى إيقاف هذه العلاقة فورا، ثم التوبة إلى الله توبة نصوحا، ثم إذا أردت الاستمرار مع الفتاة فعليك أن تطرق باب أهلها، وتقابل أهلها الأحباب، وعليها كذلك أن تتوب إلى الله مما حصل من تواصل بينكما، فإن الطريق الصحيح للإنسان (للشاب) إذا وجد في نفسه ميلا لفتاة هو أن يبدأ بإخطار أهلها، ويفضل أن يخبر أهله ليكونوا معه، ثم يتقدم لطلب يدها.
ما حصل بينكما من توسع في الكلام لم يكن صحيحا، ولم يكن له أساس من الصحة الشرعية، ولذلك هو أمر يحتاج إلى توبة واستغفار، ولا مانع من مواصلة هذه العلاقة وتصحيحها.
نحن نعتقد أن الفتاة غالبا ما تكون صادقة في الكلام الذي ذهبت إليه، وعلى كل حال فإن الإنسان في مثل هذه الأحوال إذا استطاع أن يغفر ويستر ويسامح فنحن ندعوه إلى أن يكمل المشوار، أما إذا كان عنده شكوك وظنون تضايقه وتنتابه فإنا ندعوه إلى التوقف والستر على نفسه وعليها؛ لأن الحياة الزوجية ما ينبغي أن تبنى إلا على يقين، إلا على ثقة كاملة، وإلا على أمر فيه الأمانة وفيه الصدق وفيه القناعة الفعلية الكاملة، أما أن يكون الإنسان عنده لون تردد ولون شكوك فنحن لا نؤيده إلا بعد ذهاب هذه الشكوك، وضياع هذه الشكوك تماما، لأن وجودها يعتبر موتا مبكرا ومسمارا في نعش الحياة الزوجية التي لم تبدأ فعليا.
على كل حال فإن البعد عن الفتاة عنك يتيح لك فرصة موازنة الأمور، والتفكير بطريقة صحيحة، إن وجدت في نفسك قدرة على تحمل ما سمعت، قدرة على الاستمرار، ولاحظت في الفتاة توبة نصوحا وسلوكا ناصعا، لأن سلوك الفتاة وسمعة الفتاة ومعرفة أحوالها هذا هو الأساس، الذي نبني عليه، لأن الإنسان يعرف بأقرانه، بأحواله، ببيئتها، بأسرتها، بمن حولها من الصديقات.
نتمنى أن تعطي نفسك هذه الفرصة، ومن حقها أن تأخذ فرصة، تسأل عنك، وعن أسرتك، وعن مالك، وعن صداقاتك، وعن قدرتك على تحمل المسؤولية، إلى غير ذلك من المعاني.
نحن ندعو الطرفين إلى إشراك الأسر، لا نريدك أن تأتي وحدك، فلك أخوات، ولك عمات، ولك خالات، ولهن نظرة في النساء والبنات، ولها كذلك محارم من الشباب ينبغي أن ينظروا في أحوالك ويتعرفوا عليك.
هذه خطوات أساسية، والإسلام عندما شرع الخطبة شرعها ليحصل هذا التعارف، فالإسلام لا يمنع التعارف لكن هو تعارف يبنى تحت سمع الأهل وبصرهم، وفق ضوابط الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
أما ما يحصل من تواصل في الخفاء وعلاقات، فإن الإسلام لا يجيز مثل هذه العلاقة مهما كانت الدوافع، وهي أيضا ليست في مصلحة الزوجين، لأن أي علاقة خارج الأطر الشرعية هي خصم على سعادة الزوجين، هي مجلبة للشكوك والظنون، هي سبب في الدخول في متاهات ونفق مظلم.
لذلك نتمنى أن يحصل تصحيح لهذا الوضع بتوبة من الطرفين، ثم توقف عن العلاقة، ثم إعطاء النفس فرصة لدراسة الوضع، ثم التقدم لباب أهلها بطريقة رسمية، وحبذا لو جئت بأهلك، إذا وجدت في نفسك – كما قلنا – اطمئنانا وقدرة على الستر والإكرام وحسن المعاشرة لها، وإلا ففي ذلك باب لك لتنجو وتبتعد، وأيضا باب للنجاة لها لكي تنجو وتبتعد.
هذه وصيتنا لكم بمراقبة الله الذي فرض الصيام، واعلم أن هذا الذي حصل لم يكن صحيحا، ونتمنى أن يكون فيه درس للجميع، فإنا لا نؤيد أي علاقة قامت في الخفاء، والواحد منا لا يرضى مثل هذه المواقف ومثل هذه العلاقة مع أخته أو عمته أو خالته، فكيف يرضاه لبنات الناس.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونحن سعداء بهذا التواصل، ونحن لكم في مقام الآباء، فاسمحوا لنا إن كان عندنا شدة، فهي شدة أو قسوة أب يريد الخير لأبنائه، نسأل الله أن يحفظكم وأن يسددكم.
وجزاكم الله خيرا.