السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
والله لم أر في حياتي موقعا قريبا مني وأنصح لي وأفضل لي من موقعكم هذا، ولهذا أسأل الله تعالى أن يجزيكم أحسن الجزاء على خدمتكم المميزة، أما بعد:
أنا شاب أدرس في الجامعة، كنت لا أعطي اهتماما كبيرا لموضوع العلاقات العاطفية, فكانت علاقاتي سطحية سرعان ما تنتهي, ولكن كنت دائما أسمع عن فتاة المدينة الذكية جدا، والجميلة جدا، والتي دائما ترتيبها الأول في المدينة بأكملها من حيث الدراسة والأخلاق ..., وقد أعجبت بها خاصة أن جميع أصدقائي الذين أعرفهم يتنافسون عليها، ولكن لم أكن أفكر في الارتباط بها, لاهتمامي بدراستي.
وفي أحد الأيام وجدت في هاتفي رسالة من رقم غير مسجل في هاتفي يقول لي: أريد أن أتعرف عليك وقد سمعت كثيرا عنك ... الخ، وقد كانت المفاجئة أن تكون هي ذاتها, خاصة أني عرفت صوتها فقد رأيتها مرة في أحد قاعات الدروس الخصوصية, وقد طلبت مني أن نقيم علاقة حب, فسألتها لماذا؟ فبدأت تعترف بأنها تعرفني جيدا، وعن شخصيتي وأخلاقي، وقد كانت تنتظرني بكل شغف حتى أحست بأنها تحبني, في المرة الأولى رفضت, وقلت لها: لا أستطيع؛ لأنك أكثر مني ذكاء وفطنة, ولكنها رفضت ذلك, وبقيت تكلمني وتعيد نفس الموضوع, وتحلف بأنها تحبني حبا شديدا، وستفعل أي شيء لكي أكون معها.
الذي لم أصدقه أنها هي التي بكى عليها أناس كثيرون أعرفهم, وأنها مصدر اهتمام عشرات الطلاب الذين أعرفهم, ولكني أعرف كل المعرفة بأني لن أتزوجها؛ لأنها تكبرني بستة أشهر, وأننا سنلتقي مرة في العطل الجامعية فقط, وفي نفس الوقت أرى حبها لي وأرى أنها مصدر فخر بين أصدقائي.
ماذا أفعل؟ أأبتعد عنها نهائيا، أم أعاملها ظاهريا بأننا عشيقان، وباطنيا على أننا أصدقاء؟ خاصة أنها هددتني بأنها سوف تسلك طريق الانحراف إذا تركتها، وأنا أعلم أنها ستفعل ذلك, ولست أدري ما سبب حبها لي، رغم أنني لم أتحدث معها أبدا في حياتي؟
تقبلوا مني جزيل الشكر والعرفان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdelmalek حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية نرحب بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونحن سعداء بتواصلك مع الموقع، وبالحرص على السؤال في بداية هذه العلاقة، التي نؤكد لك أنها: إما أن تكون شرعية معلنة، أو تتوقف نهائيا، فليس هناك حلولا وسطا، وليس هناك مجالا للخديعة، وليس هناك مجالا لتضييع الوقت، وليس في ذلك مصلحة لك أو لها، والإسلام لا يرضى إلا بإقامة علاقة شرعية معلنة واضحة هدفها الزواج، وإلا فلا علاقة بين شاب وفتاة إلا في إطار المحرمية؛ بأن تكون عمة أو خالة (أو هكذا) أو في إطار الحياة الزوجية؛ بأن تكون مع زوجها، أما ضياع الوقت، وأما يحدث في الجامعات، وأما هذه العلاقات الآثمة خارج الأطر الشرعية فنتمنى أن تبتعد عنها، وندعوك إلى أن تنصح الفتاة.
لكن إذا كنت راغبا فيها وهي صاحبة دين وخلق وذكاء –كما قلت– ووجدت في نفسك ميلا إليها؛ فعند ذلك إما أن تقدم على خطوة عملية الآن، وإما أن تتوقف، وتعدها بأن تبدأ الخطوة الفعلية بعد الانتهاء من الدراسة، أو في التوقيت الذي تتفقوا عليه؛ فالإسلام لا يعترف إلا بعلاقة معلنة بعلم أهلك وأهلها وعلم الناس جميعا، وهذا ما يسمى (الخطبة) والخطبة في حد ذاتها ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها.
وحتى لو أن الفتاة ستنحرف فإن الاستمرار في علاقة كهذه أيضا لا يبعد عن الانحراف كثيرا؛ لأنه أيضا من العلاقات التي لا يرضاها الله تبارك وتعالى.
لذلك ينبغي أن تكون واضحا في هذه المسألة، ولا نؤيد طبعا الخديعة وتضييع الوقت بالنسبة لك ولها، وخديعتها بأن تكون صاحب وجهين، قلبك يختلف عن ظاهرك، هذا كله لا نرضاه، والواحد منا لا يرضى مثل هذا لابنته أو لأخته أو لعمته أو لخالته، ونؤكد لك أن الفتاة تصدق دائما، سريعة التصديق للرجل في مثل هذه الأحوال، ولذلك الصدمات تكون عليها عنيفة جدا عندما تكتشف أن الموضوع ما كان إلا نوعا من المجاملة، ونوعا من تقضية الوقت، ونوعا من المباهاة بين الشباب، إلى غير ذلك من الأشياء المعروفة بالنسبة لأمثالكم ومن في سنكم.
على كل حال: نحن نشكر لك هذا التواصل، وندعوك إلى أن تتقدم على هدى من الله ونور، أو تتوقف على الوعد الجميل بعد الانتهاء من الدراسة، أو تتوقف نهائيا حتى لا تضيع وقتك ووقتها، لكن الاستمرار في علاقة غير معلنة بهذه الطريقة هذا كله مما لا يرضي الله تبارك وتعالى.
نكرر شكرنا لك، ولعل في هذا الذي حدث دليل على تميزك، فحافظ على هذا التميز الذي أشرت إليه من خلال بعدك عن النساء واشتغالك في دراستك، وهذه علامات الخير، فالإسلام يباعد بين النساء والرجال حتى في أطهر البقاع وهي المساجد، فيجعل خير صفوف النساء آخرها لبعدها عن الرجال، ويجعل خير صفوف الرجال أولها لبعدها عن صفوف النساء.
نسأل الله أن يهيأ لأبناء المسلمين جامعات تبتعد فيها البنات عن الأولاد، لأننا بولينا بهذا النوع من التعليم الذي يجر المصائب بعد أن أدركت –حتى بلاد الغرب– خطورة وجود الفتاة بهذه الطريقة إلى جوار الفتى، وها هم قبل سنوات كان عدد الجامعات في أمريكا التي تمنع وجود البنات مع الأولاد أكثر من ثمانين جامعة، ليس لأن لهم دين يحرم هذا، ولكن لأنهم شعروا أن في ذلك خطرا على مستقبلهم وعلى حياتهم الاجتماعية، وعلى مستقبل حياتهم النفسية، وعلى مستقبلهم العلمي والتطور الذي وصلوا إليه؛ فلجئوا إلى ذلك القرار، فليت قومي يعلمون، وليت القائمين على أمر أمتنا يدركوا أن ما يحصل في جامعاتنا فيه مخالفات لشرع الله.
ونسأل الله الهداية للجميع.