السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتوسل لفضيلة الشيخ الإسراع في إجابتي لأنني والله في اكتئاب وحزن بسبب مشكلة، وهي:
أنه لدي صديقة أعتبرها كأخت لي، ولكن قبل 5 أشهر، فتحت فيسبوك مزيفا، وبدأت أرسل لها رسائل سب وشتم لأنني أحسدها كثيرا، وأفرح عندما أراها حزينة، فهي جميلة، وعلى علاقة حب مع شاب، وأنا أحسدها على ذلك، ولأن لديها الكثير من الأصدقاء.
ورغم ذلك فقد قطعت علاقتي بالشاب الذي كانت معه، حيث أننا تصاحبنا لمدة وافترقنا، لأنني لا أريد أن أغضب ربي، وأنا الآن أحس بالذنب تجاه الرسائل التي كنت أرسلها لصديقتي وهي لا تعرف أنني أنا وراء ذلك الفيسبوك المزيف.
أرجوكم أن تساعدوني بحل مشكلتي، وهل سيغفر الله لي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ souha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك.
ونشكر لك أيضا - أيتها البنت العزيزة - حرصك على التحلل من ظلم الآخرين، وهذا دليل على رجاحة في عقلك.
ونود أولا أن ننبهك إلى أن الحسد مذموم في الأمور المباحة، في أمور الدنيا، فقد حرمه الله تعالى، وجاءت بذلك نصوص الوحي، وهو من ذنوب القلب العظيمة التي تهلك صاحبها وتوبق حسناته، ولا تعود عليه بنفع، بل فيها المضرة، وكما قال الحكماء: ( ليس ثم مظلوم في صورة ظالم إلا الحاسد)، فالحاسد يظلم نفسه، هذا إذا كان الشيء الذي يتمناه شيئا مباحا من عرض الدنيا.
أما إذا كان الشيء الذي يحسد فيه الآخرين هو وقوعهم في معصية الله تعالى فهذا أقبح وأشنع، وهو دليل على عدم عقل صاحبه، فإن المعاصي لا تجر لأصحابها إلا الحسرات والندامات، وهي سبب أكيد لحرمان الإنسان من السعادة في الدنيا والعيش الهنيء، كما هي سبب أيضا لنيله شقاء الآخرة والوقوع في سخط الله تعالى، فكيف يليق بإنسان يؤمن بالله واليوم الآخر ويؤمن بحساب الله تعالى وجزائه، وأنه بالمرصاد، وأن الإنسان يعرض على صحيفة عمله، وأن أعماله توزن ويجازى بها، من يؤمن بهذا كله كيف يليق به أن يحسد الناس على ما هم فيه من الوقوع في سخط الله تعالى، بل الواجب على الإنسان أن يحمد الله تعالى إذ جنبه الله الوقوع في معصيته، ويكثر من شكر هذه النعمة، ويسعى لتخليص الآخرين من معاصي الله بوعظهم وتذكيرهم ونصحهم، فهذا هو حال المؤمن الذي يرجو ثواب الله وينتظر لقائه.
نحن نحذرك -أيتها البنت العزيزة- من الانجرار وراء الشيطان والوقوع في حبائله إذا دعاك إلى إقامة علاقات مع الشباب، فإن هذه العلاقات باب فتنة عظيم، وهي جالبة لشرور كثيرة، وتندم الفتاة حين لا ينفع الندم بعد أن تقع في بحار الحسرات والندامة.
ننصحك - وهي نصيحة من يحب لك الخير ويتمنى لك السعادة - أن تحرصي على إرضاء ربك بالوقوف عند حدوده، وستجدين السعادة تفتح أمامك أبوابها، وكوني على ثقة تامة من أن معاصي الإنسان سبب أكيد في حرمانه من أرزاق الله تعالى له، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) هذا الحديث حسنه جماعة من أهل العلم.
إذا فاحمدي الله - ابنتنا الكريمة - على تركك للمعاصي، واشكريه على هذا التوفيق، ونحن نسأل الله تعالى أن يثبتك على اجتناب كل ما يسخط الله تعالى عليك ويوقعك في غضبه.
وأما صديقتك هذه فإن الأمر سهل يسير -بإذن الله تعالى- فبإمكانك أن تستسمحي منها وتطلبي منها المسامحة العامة، دون أن تصرحي لها بأنك أنت التي فعلت بها كذا أو قلت لها كذا، فقولي لها كلمات عامة، بأن تقولي لها: (سامحيني في كل ما قد بدر مني من تقصير في حقك، فإن لك علي حقوقا لم أرعها)، ونحو ذلك من الكلمات التي تحصل المقصود دون أن تؤلمي قلبها مرة أخرى بأن تعرف بأنك أنت من أساء إليها، واندمي على فعلك هذا، واعزمي على ألا ترجعي إليه في المستقبل، واتركيه، فإذا فعلت ذلك فإن الله تعالى يتوب عليك، فإن التوبة تمحو ما قبلها من الذنوب، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير، وأن يجنبك كل شر ومكروه.