السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة لجميع العاملين في هذا الموقع الرائع، جزاكم الله جل وعلا كل الخير.
أنا طالبة ثانوية عمري 16 سنة، ولدي مشكلة في الدراسة بدأت معي عندما كنت في المرحلة المتوسطة، لكنها أخذت تزداد مع مرور السنين حتى وصلت اليوم حدا لم أتخيل أبدا أن تصل إليه، فأنا طالبة متفوقة -والحمد لله تعالى- على ذلك كنت حريصة جدا على دراستي، وكانت هي كل حياتي لم أنشغل عنها ببرامج التلفاز، أو بالانترنت، أو بأي شيء آخر.
كنت أجد فيها المتعة والفائدة حتى وإن كانت متعبة، لم أكن أشكو أو أمل أو أتذمر منها إطلاقا، لكن هذا كان في الماضي، أما الآن فقد تغير الوضع تماما، فقد فقدت الرغبة بالدراسة، وصارت أتعس شيء بالنسبة لي، صرت غير قادرة على التركيز، وكثيرة السرحان والشرود، وكلما حاولت التركيز أشعر، وكان ثمة شيء ثقيل يملاء رأسي، وأنه على وشك الانفجار، بل إنني صرت أشعر بنعاس فظيع كلما حاولت الدراسة، أو قراءة أي كتاب، أو أي موضوع مفيد، وكم جربت غسل وجهي، شرب الشاي، القهوة، الدراسة في الهواء الطلق عسى أن يخفف هذا من النعاس، لكن للأسف كل هذا لم ينفع، فالنعاس باق، وأجد نفسي لا أتذكر كثيرا مما قرأت لتوي حتى لو أعدت قراءته أكثر من مرة، صارت الدراسة كابوسا بالنسبة لي.
والمشكلة إنني الآن مقبلة على مرحلة مصيرية هي من ستحدد مستقبلي حيث إن معدلي النهائي فيها سيقرر إلى أي كلية سأدخل، لكنني لست راغبة بالدراسة إطلاقا، وكل من حولي يقولون لي لا تضيعي سنين التفوق على آخر مرحلة، تحملي فقط هذه السنة شدتها ثم تهون، وأنا أكاد أجن، فأنا في هذه المرحلة ملزمة بالدراسة في العطلة الصيفية، لكنني لا أدرس جيدا.
أريد أن أرتاح، أنا لا أحتمل فكرة أن يضعني أحد أمام الأمر الواقع، وأكون مجبرة على تنفيذه حتى لو لم أرغب في ذلك، بل إنني لا أنفذه حتى لو كان مهما، ولم أعد أبالي بالعواقب للأسف، فكم من مرة تكلم عني المدرسون وعاتبوني على تحضيري السيء، وأنا لا فرق معي، لقد صرت غير مبالية لا أهتم للتحضير اليومي، لا أدرس مادة الامتحان بكاملها، لم أعد أهتم إن عاتبني المدرس على إهمالي، وحتى كلام الناس عن المستقبل لا آخذه على محمل الجد، بل تصوروا أنني صرت أفكر حتى وإن لم يكن لي مستقبل، وحتى وإن لم أحصل على وظيفة راقية وأتبوأ مكانة مرموقة في المجتمع، (ما السيئ في هذا؟).
تصوروا هكذا وصل بي الحال بعد أن كنت لا أدع حرفا من كتاب الامتحان إلا وأقرؤه، وبعد أن كنت أحلم بالدرجات العالية، والمعدل العالي، والمهنة الراقية، الآن لا أجد الحافز للدراسة، أو للعلم، بل صرت لا أحب إلا النوم، يغلب علي الملل والكسل، وأشعر بالغضب والتوتر والضيق وعدم القدرة على الاحتمال، وأنا حزينة؛ لأن حالي صار هكذا، ولم أتخيل قط أن يبلغ هذا المبلغ.
وأخيرا أعتذر عن الإطالة، وإن كنت أزعجتكم بكثرة شكواي، ولكن حالتي هذه ستجننني، ففي اليوم الذي عندي فيه محاضرة أستيقظ من النوم كالمجنونة، وأشعر أنني سأصاب بانهيار عصبي، أرغب بالصراخ "يا ناس لا أريد الدراسة، يا ناس لا أريد الدراسة" لكن لا مفر، هذه حالي بدون مبالغة، أرجوكم ساعدوني للتغلب عليها قبل بداية السنة الدراسية، فأنا خائفة أن أخيب أمل أهلي الذين يتأملون مني المعدل العالي -إن شاء الله تعالى-.
جزاكم الله تعالى كل الخير، وأسأله تعالى أن يبارك في مسعاكم ويوفقكم لفعل الخير دوما، ويحفظكم من كل مكروه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ازدهار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أؤكد لك أنني قد اطلعت على رسالتك بكل اهتمام واستوعبت - إن شاء الله تعالى – كل تفاصيلها، وهذه الحالات مثل الحالة التي تمرين بها تحدث لكثير من اليافعين، ومن هم في عمرك، وأهم شيء لمقاومة هذه الحالة والتخلص منها هي ألا تعتقدي ولو للحظة واحدة أن هذا الأمر سوف يستمر، أبدا، هذا الأمر عابر وسوف ينتهي - إن شاء الله تعالى – تماما، وتعودين لوضعك الطبيعي، حيث إنك في الأصل صاحبة مقدرات وإمكانات، ولديك الرغبة الدراسية، وآمالك في المستقبل كلها إيجابية وتفاؤلية.
فأريدك أن تعتبري أن الذي مر بك هو أمر عابر، وكل المطلوب منك هو شيء من الاسترخاء الداخلي، والمحافظة على الصلاة في وقتها، أن تكثري من الاستغفار، أن ترتبي وقتك بصورة أفضل، وأنا أنصحك بشيء مهم جدا، وهو النوم المبكر، وممارسة أي نوع من التمارين الرياضية التي تناسبك.
شيئان: النوم المبكر وممارسة الرياضة، يأتي بعد ذلك أن تستفيدي من الوقت بعد صلاة الفجر، وقبل أن تذهبي للمدرسة هناك على الأقل ساعة من الزمن أو ساعة ونصف يمكن استغلالها في الدراسة، لماذا هذا الوقت بالذات نختاره؟ أولا البكور فيه خير وبركة كبيرة جدا. ثانيا: يكون الجسم في حالة نشاط، والعقل في حالة انتباه؛ لأن الإنسان حين ينام نوما مبكرا ومريحا يحدث له استقرار كيميائي ونفسي، ويتم ترميم خلايا الدماغ، هذا دون أي مبالغة، لذا أعرف تماما من قالوا لي أن ساعة يدرسون فيها في الصباح بعد الفجر أفضل من خمس ساعات في أثناء النهار، وأحسب أنهم على صدق تام، وأنا شخصيا في أيام دراستي وطلبي للعلم كان هذا هو منهجي.
فيا أيها الفاضلة الكريمة: أمور بسيطة جدا: نوم مبكر، ممارسة الرياضة، ساعة إلى ساعة ونصف من الدراسة الصباحية، ثم بعد ذلك – أي حين تقومي بهذا الإنجاز – سوف تحسين بما نسميه بالمردود النفسي الإيجابي، يعني ما قمت بإنجازه في الصباح وأنت متوجهة إلى المدرسة سوف يولد عندك طاقات كبيرة وعظيمة جدا، هذا نسميه (المردود الإيجابي الداخلي) وهذا بالمناسبة ليس أمرا نفسيا فقط، إنما يتعلق بكيمياء الدماغ، هنالك مواد تفرز، مواد محفزة، مادة تسمى بـ (دوبامين) هي التي تحرك فينا التحفيز والإقدام والمثابرة.
فالأمر -إن شاء الله تعالى– بسيط، وإذا انتهجت هذا المنهج أنا على ثقة تامة أنك -إن شاء الله تعالى– سوف ترجعين إلى طبيعتك الأساسية.
بعد ذلك وزعي المهام الأخرى على بقية اليوم، ولا بد أن يكون هنالك من وقت للترفيه المعقول، الجلوس مع الأسرة، التواصل مع الصديقات، ويا حبذا أيضا لو رتبت شيئا من الدراسة الجماعية مع زميلاتك، في أيامنا كان هذا أمرا مهما جدا أن نجلس مع بعضنا البعض، خاصة قرب الامتحانات، ونناقش، ونسأل بعضنا البعض، ونثبت معلوماتنا، وفي ذات الوقت الإنسان لا يحس بالملل أبدا.
أنا أريدك أيضا أن تطبقي تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مهمة جدا لمثل حالتك، موقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تطلعي عليها وتطبقي ما ورد بها من إرشاد، وسوف تجدين - إن شاء الله تعالى – فيها فائدة كبيرة جدا.
أنت لست محتاجة أبدا لأي نوع من العلاجات الدوائية، لكن ربما تحتاجين لنوع من الفحوصات البسيطة، تأكدي من مستوى الدم لديك – أي قوة الهيموجلوبين – تأكدي من وظائف الغدة الدرقية، حيث إن عجزها أو وجود فقر الدم كثيرا ما يؤدي إلى الشعور بالتكاسل والإنهاك وسرعة التعب النفسي والجسدي، ولا بأس أن تتناولي شيئا من الفيتامينات أو مركب (أوميجا 3) مثلا، ويا حبذا لو شربت كوبا من القهوة في الصباح.
أمور بسيطة جدا وكلها في متناول اليد، وأنت - الحمد لله تعالى – لك أسس قوية جدا، ولك دافعية، وهذا هو الذي يهمني، لذا أعتبر أن حالتك عابرة جدا، وإن شاء الله تعالى تأتيك الفرحة والسرور العظيم بنجاحك الباهر.
ونتوجه إليك بالنصح إلى محاولة شغل وقتك بما هو مفيد، وبالارتباط بالقرآن الكريم والدعاء لله تعالى، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوع فيها لمساعدة المحتاجين، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وقد وجد أن عمل الخير دائما ما يجدد نشاط الإنسان وحيويته ويدفعه للمزيد من العطاء والبذل لنفسه ولغيره، كما نرجو منك مراجعة هذه الاستشارات المفيدة: ( 251403 - 268380- 279292 )، وهذه أيضا: ( 278493 - 2117098 ).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.