السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة، عمري 23 سنة، مشكلتي هي أنني فقدت الشعور والصلة الفعلية في الواقع، فأنا أشعر بأن الحياة مثل الحلم، وكأنني أحلم، ولكن لا أشعر أبدا بأفعالي، وكأني تحت تأثير مخدر، وأن عقلي متوقف عن التفكير، وأعجز كثيرا عن التفكير، حتى إنني لا أفهم أفكاري وكأنها هلوسات، ذاكرتي ضعيفة جدا، وكأني فقدت الذاكرة منذ زمن، مع أن ذكريات الطفولة موجودة في عقلي، وأذكرها بسهولة، وكأنها تمر أمامي، فقط ذكريات الطفولة، وكأن ذاكرتي توقفت عند هذا الحد، واستيعابي بطيء جدا لحد البلاهة والغباء، وهذه الأمور حدثت لي عند دخولي الجامعة، وأنا عاجزة إلى هذا الوقت عن فهم مشكلتي.
وكثيرا ما أعاني علاوة على ذلك، بالإحباط والسوداوية، وفقدت الإحساس بالسعادة، فأنا لا أذكر أني سعدت حقا منذ أيام الطفولة، وأشعر بأنني كبرت على السعادة، حتى إن حصلت أمور تسعدني وتثير حماستي، فأنا لا أشعر بشيء أبدا، بل أشعر بتبلد المشاعر، وأني حقا مقيدة لا أستطيع مساعدة نفسي، لأنني لا أعي أن عندي مشكلة أصلا.
لا أدري إن كان ذلك متعلقا بالمزاج المتقلب، فأنا أشعر بمشاكلي الحقيقية اليوم مثلا، وغدا أصحو بطباع جديدة وشخصا آخر، على الرغم من أنني أساعد من حولي، وأدفعهم للأفضل، إلا أنني أعاني من قلة علاقاتي الاجتماعية، فعندي رهاب من الناس، وفي حالة قلق دائم وخوف من المجهول، وأكثر من جلد الذات، وعندي تشتت في الذهن، وهذه المشكلة أثرت في ثقافتي، وقراءتي، وعلاقتي بمن حولي، حيث أنني لم أعد أستوعب.
أرجو مساعدتي في أسرع وقت، لأنني والله مللت من توقف الزمن في عقلي، وأن تدلوني إن كانت هناك أدوية تساعدني أو شيئا آخر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت لديك رصيد عالي جدا من المشاعر السلبية والتشاؤمية، وهذا يجعلك تقللين من قيمة ذاتك بصورة واضحة جدا، لا أريدك أبدا أن تثبتي وتوطدي المفاهيم السلبية في وجدانك.
عدم الشعور بالواقع يأتي للإنسان كجزء من حالة القلق التي قد تنتابه، وهذا يسمى بـ (اضطراب الأنية)، والقلق كثيرا ما يكون مصحوبا بأعراض عسر المزاج، وعسر المزاج والقلق، كلاهما دائما يعطيان الشعور بالخوف، وعدم الأمان، ونقص الكفاءة الاجتماعية، والنظرة التشاؤمية حول المستقبل.
الإنسان هو مجموعة أفكار ومشاعر وأفعال، وهذا المثلث متضافر متماسك الأضلاع، ولكن الإنسان يمكن أن يغير ويبدل فيه إذا كانت المشاعر سلبية، وكذلك الأفكار السلبية لا بد أن نحسن أعمالنا وأفعالنا، ونصر على حسن الأداء، فهذا يغير الأفكار، ويغير المشاعر، ولكن الإنسان إذا استكان واستسلم لشعوره السلبي وفكره السلبي؛ قطعا لن يستطيع أن يكسر ضلع فشل الأداء.
فكوني متفائلة، وكوني فعالة، وأديري وقتك بصورة جيدة، وهذا - إن شاء الله تعالى – يأتيك بخير كثير.
بناء صدقات طيبة وحميمة ومفيدة أعتقد أنه سيكون شيئا مساعدا لك جدا في الحياة، والتعرف على الصالحات من الفتيات، والدخول في أنشطة اجتماعية، والذهاب لمراكز تحفيظ القرآن، وهذا كله يعطيك شعورا بوجود جديد، وواقع جديد، وتقدير للذات بصورة أفضل، فأرجو أن تحرصي على ذلك.
وبالنسبة للرهاب الاجتماعي أو الرهاب من الناس:
فهو جزء من عملية الضعف النفسي، والخوف من الفشل، - وإن شاء الله تعالى - لا يوجد فشل أبدا.
قطعا سوف تستفيدين كثيرا من أحد الأدوية المضادة للقلق والمخاوف، والتي تؤدي في ذات الوقت إلى تحسين المزاج، وإذا ذهبت إلى طبيب نفسي فهذا هو الأفضل، وإن لم تستطيعي، فهنالك دواء يعرف باسم (زولفت)، والذي يعرف أيضا تجاريا باسم (لسترال)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين)، وهو من الأدوية الجيدة والطيبة، يمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما –، تتناوليها ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، وتناوليها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهو من الأدوية الفاعلة، والسليمة جدا، وغير الإدمانية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.