صديقتي تعرضت لصدمة وفاة والدتها وتحتاج من يساندها.

0 427

السؤال

السلام عليكم...

توفيت والدة صديقتي منذ عشرين يوما، وأثر ذلك في نفسيتها كثيرا، وخاصة أنها البنت الكبرى، فأصبحت المسؤولة عن أسرتها، التي من ضمنها طفلة مصابة بالتوحد، مما تسبب في توقفها عن الدراسة، وتغيير حياتها.

وخبر موت أمها، سبب لها ثقل في رجليها عند تلقي الخبر، والآن كلما قلقت، أو توترت، تشعر بثقل في ساقها يصعب عليها الحركة، وحتى الصلاة.

وأنا الآن خائفة عليها من الاكتئاب، وفكرت أن أقترح عليها كتابة رسائل لأمها، ولكنني خشيت من رد الفعل العكسي للاقتراح.

سؤالي: كيف يمكنني مساعدتها وإخراجها من محنتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله -تعالى- الرحمة، والمغفرة لوالدة صديقتك.

حزن صديقتك على والدتها أمر طبيعي، بل من المفترض أن يحدث؛ لأن هذا الفقد فقد كبير، وهذه المشاعر مشاعر إنسانية، ووقوفك بجانبها يكون من خلال مساندتها، وأن تجعليها على وعي وإدراك بحقيقة الموت، ويجب أن تنتهج المنهج الصحيح في مثل هذه المواقف، وهو (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)، ومنها: (ولد صالح يدعو له)، والابن هنا يشمل الذكر والأنثى.

فإذا على صديقتك هذه أن تبر والدتها من خلال الدعاء لها، وأن تصل صديقات والدتها بقدر المستطاع، فذلك من البر بوالدتها، وأن تعرف وتتذكر بما أنها الأكبر في البيت، فقد خصها الله -تعالى- بتحمل هذه المسؤولية، و-إن شاء الله تعالى- هي سوف توفي هذا الأمر حقه تماما.

عنايتها بالطفلة التي تعاني من (الذواتية)، أو (التوحد)، هي مسؤولية كبيرة، لا نقول أنه أمر بسيط، لكن -إن شاء الله تعالى– هذه الفتاة بصبرها، وقوتها، وتفاؤلها، وتوكلها على الله، واحتسابها للأجر العظيم، سوف تقوى على القيام بكل ذلك، بهذه المسؤولية التي تركتها والدتها.

هذا هو الذي يجب أن تنتهجه صديقتك، حفزيها، شجعيها، أما أن تكتب لوالدتها فهذا أمر ليس صحيحا، هذا أمر يجعلها تكون في نزاع نفسي، ويقلل من إدراكها بحقيقة الموت، ليس هنالك ما تقوم به غير أن تدعو لوالدتها بالرحمة، والمغفرة، وتقديم الصدقات عنها فيما تستطيع، وأن تبر أهل والدتها.

أمر آخر أود أن أذكره لك، هو أن هذه التفاعلات، هي تفاعلات عادية كما ذكرت لك، نحن لا ننزعج كثيرا إلا للأحزان الشديدة، التي تظل لمدة تزيد عن ستة أشهر، التعبير عن الحزن، وعن الفقد، له مراحل نفسية سيكولوجية معروفة، المرحلة الأولى يكون فيها شيء من عدم التصديق لما حدث، والناس هنا قد تستعين بالصبر، فهذا أمر عظيم، لكن بعض الناس تفوت عليهم هذه الفرصة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى"، بعد ذلك يدخل الإنسان في مرحلة الحزن الحقيقي، وهنالك من يعبر عن نفسه بالبكاء، وهناك من يعبر عن نفسه بالانعزال، لكن الأمر هنا يجب أن يتم التعامل معه في النطاق الإنساني، فلا بأس أن يعبر الإنسان عن أحزانه ويبكي، لكن بصورة شرعية، بصورة صحيحة، وقد بكى النبي -صلى الله عليه وسلم– على ابنه إبراهيم، وقال: "وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون"، يجب ألا يكون هناك أي مخالفات، فليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية.

قد وجدنا أن هذا المنهج –المنهج الإيجابي- هو المنهج الذي يجعل الإنسان يتعايش، ويعيش حياة معقولة، وفاعلة في غياب الشخص الذي كان يرتبط به، والغياب بالطبع سببه الموت.

وأظن أن صديقتك أيضا حين تحرص على أمور دينها، مثل: الصلاة في وقتها، قراءة القرآن، الدعاء، الذكر،هذا يقويها ويعطيها دفعا نفسيا عظيما.

من جانبك لا تشعريها أنها ضعيفة، على العكس تماما، أشعريها أنها الآن صاحبة مسؤولية، وهي أهلا لهذه المسؤولية، هذا دعم أساسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات