السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا نص مشكلة رفيق دربي في الله، وأريد له حلا بعد الله يا أحبائي:
إخوتي في الله -جزاكم الله خيرا- على ما تبذلونه من عمل جبار لخدمة الإسلام والمسلمين، وجعله في ميزان حسناتكم.
أعاني من مشكلة عصيبة مرت علي منذ فترة خطوبتي وإلى هذه اللحظة، وهي: أنني لا أتقبل زوجتي، وتراودني أفكار غريبة عند جلوسي معها.
قصتي: هي أنني عند الخطوبة رأيتها، ولم أكن مقتنعا بها تماما؛ لأنها ليست بالجمال المطلوب، إلا أنني اقتنعت بها لأن أهلي أحبوها، وأثنوا عليها، وأبدوا ارتياحا تجاهها، وبعد فترة من الخطوبة اتضح لي أنني لا أتقبل البنت، والسبب الرئيسي هو قلة جمالها، وأنها ليست بالجمال الذي كنت أحلم به، فأحيانا عند كلامي معها، ورجوعي إلى البيت يراودني شعور بالغثيان، أو أوجاع في البطن مع كآبة شديدة، وأنا الآن لا أستطيع أن أبتسم حتى، وأحاول قدر الإمكان أن أجاملها حتى لا أجعلها تحس بمشكلتي.
علما أنها خلوقة جدا، وملتزمة أكثر مني، ولم تقصر معي بأي شيء، وأحاول قدر الإمكان أن أرضيها، وأن أعيش حياتي بسعادة؛ لأن مشكلتي المذكورة سلفا قد دمرت حياتي، وأنا يوميا أبكي، وأدعو الله أن يفرج همي.
فيا إخوتي، أريد نصيحتكم، علما أنني لا زلت في فترة الخطوبة (عقد القران)ولم أتزوج بعد.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا يخفى على أمثالك أن الإسلام يبني هذه العلاقة على الدين وعلى الأخلاق، (فاظفر بذات الدين) هذا قول رسولنا الأمين، ولذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى بهذه الوصية الغالية، وكأني بالإمام أحمد لما أراد أن يتزوج أرسل إحدى قريباته فجاءت وقالت: (وجدت لك فتاتين، الأولى بارعة في جمالها متوسطة في دينها، والثانية متينة الدين متوسطة الجمال، فقال: أريد صاحبة الدين) ونحن نقول: وتلك وصية رسولنا الأمين، فعاش الإمام معها ثلاثين أو أربعين سنة، وقال يوم وفاتها: (والله ما اختلفنا في كلمة).
ولذلك الدين له أثر عظيم جدا، فكيف إذا اجتمع مع الدين والخلق رضا الوالدين واختيار الأسرة، الذين وافقوا على اختيار هذه الفتاة؟! ومع ذلك فإنا ندعوك إلى محاولة جمع ما فيها من إيجابيات وحسنات، واصطحاب المعاني الأسرية، والنظر للأمور بعواقبها البعيدة، فإن وجدت بعد ذلك ميلا وقبولا فبها ونعمت، أما إذا استمر النفور والضيق فنحن لا ننصح بالمجاملة في مثل هذه الأمور؛ لأن في ذلك ظلم لك وظلم لها، وهذه المسائل قرارات ينبغي أن يحصل فيها توافق من الطرفين، وميل من الطرفين، وحب واستجابة وانطباع وقبول عند الطرفين.
ولذلك نحن نقول: الدين فعلا، الإنسان يحرص على الدين والأخلاق، لكن لا يلغي الجمال أيضا؛ لأن من أهداف الزواج تحقيق العفة، فنتمنى أن تحاول وتكرر المحاولات وتحشد حسنات وإيجابيات هذه الفتاة، تتذكر أنه لا توجد امرأة بلا عيوب، فقد تجد امرأة جميلة لكنها ضعيفة الدين، لكن فيها عيوبا أخرى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر).
فإذا أنت لا بد أن تحاول كل هذه المحاولات، وتستخير رب الأرض والسموات، فإن الإنسان إذا احتار في أمر يصلي صلاة الاستخارة، وهي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، فإذا لم يحصل عندك تغير رغم هذه المجهودات ورغم صلاة الاستخارة ورغم حشد الإيجابيات، فنحن نقول: القرار صعب، لكن الأصعب منه هو الاستمرار والمجاملة، والتورط في علاقة ينتج عنها ذرية، ثم بعد ذلك يحدث الفراق، وهذا ما لا يرضاه الواحد منا لا لابنته ولا لأخته، وكذلك لا نرضاه لبنات المسلمين.
فاحسم أمرك، وكن واضحا مع أهلك، واتخذ قرارا صحيحا، ولا مانع عندنا من التواصل معنا في الحيثيات الجديدة بعد أن تحاول القبول لها، والتعوذ بالله من الشيطان الذي يأتي بالكره، فإن الحب من الرحمن والبغض من الشيطان – كما قال ابن مسعود – "يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم".
نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.