السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أرجو مساعدتي فأنا في هم وغم وحزن وضيق، لا يعلم به سوى الله، أنا أعاني من خجل شديد منعني من التحدث حتى مع أهلي، حتى عندما كنت طالبة، لا أشارك ولو كنت أعرف الإجابة، أعاني من احمرار الوجه، لا أستطيع النظر إلى الأشخاص، ونبضات قلبي تكون سريعة، وأتعرق، وكل من حولي يستغربون من خجلي، رفضت الزواج بسبب الخجل، حاولت أن أتغلب على خجلي بالمشاركة في النشاطات المدرسية، ولكن دون فائدة، منذ صغري وأنا أعاني من الخجل، لكن ازداد عندما كان عمري 14 سنة.
ذهبت للاستشاري النفسي، وصرف لي علاج (سيمبالتا)، ومنذ سنتين وأنا أتعالج بهذا الدواء، لكن دون فائدة، وأنا أعاني من انقطاع الدورة الشهرية، وكيس على المبيض، منذ سنة، فهل العلاج يسبب انقطاع الدورة؟ برغم أن دورتي كانت منتظمة، وبدأ وزني يزيد.
أرشدوني، أتمنى منكم الإجابة على مشكلتي، أريد أن أتزوج، إلى متى وأنا أرفض الزواج بسبب الخجل! ادعو لي بالشفاء العاجل، وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الذي يظهر لي أن لديك درجة من الخجل، ويسعدني أيضا أن أقول إن لديك درجة من الحياء، لأن الحياء خير كله أو كله خير، وهو شطر من الإيمان، وربما يكون لديك أيضا جانب من الرهاب الاجتماعي، والعلاج أيتها -الفاضلة الكريمة-: ليس بالصعب، لكنه يتطلب منك شيئا من التركيز والالتزام.
أولى خطوات العلاج هي: تغيير المفاهيم، كثيرا من الناس تقبل أفكارها السلبية ومشاعرها المؤلمة دون صدها، ودون ردها، ودون مناقشتها، وهذه إشكالية كبيرة، مشاعر الخجل هذه لا تستسلمي لها، لا تقبليها، اعتبريها ضيفا غير مرحب به، أنت قبلت وضعك ومشاعرك هذه بصورة تلقائية جدا، لكن المفترض ألا تقبليها، وهذا نسميه بالتغير المعرفي، هي بداية مهمة جدا.
الأمر الثاني: لا تقللي من شأن نفسك، أنا متأكد أن لديك القدرات، لديك الاستجابات الاجتماعية الجيدة، لكن نسبة لهيمنة فكرة الخوف والخجل عليك، أصبحت تقللين من شأن ذاتك، فهذا يجب أن تزيليه من تفكيرك.
النقطة الثالثة: احكمي على نفسك بأفعالك، عليك أن تقومي بمهمتين أو ثلاث اجتماعية يوميا، مهما كانت الظروف، مثلا اجلسي مع أفراد الأسرة على وجبة طعام، هذا أمر ليس بالصعب، ثانيا: صلي مع إحدى أخواتك أو مع والدتك مثلا، ثالثا: اتصلي بإحدى صديقاتك بالتليفون، تحدثي معها عشر دقائق، لا بد أن تضعي جداول يومية لتنفيذ مهام فيها نوع من التواصل الاجتماعي، ولا أقول المواجهة الاجتماعية، وضعك لهذه البرامج اليومية وتطبيقها بحزم مع نفسك سوف يساعدك كثيرا، ويخرجك من دائرة القلق هذه، أنت أيضا محتاجة لتواصل اجتماعي عملي فعال، لماذا لا تذهبين إلى مراكز تحفيظ القرآن؟ وهي كثيرة جدا في المملكة، وهنا أنت -بفضل الله تعالى- سوف تتمتعين بالرفقة الصالحة الطيبة، وهذا يقلل كثيرا من خجلك ومخاوفك، ويعطيك ثقة في نفسك كبيرة، فالإنسان لا بد أن يتعلم من الآخرين، لا بد أن يتواصل مع الآخرين، فلا تحرمي نفسك من هذا الأمر.
النقطة الأخيرة هي موضوع الدواء: (السيمبالتا) من الأدوية الجيدة، لكنه ليس دواء أساسيا لعلاج الخوف الاجتماعي – مع احترامي الشديد – فهو دواء كما ذكرت لك ممتاز جدا في علاج الاكتئاب، وبالنسبة للمخاوف الاجتماعية أيضا هو دواء ممتاز، لكن يتطلب أن تكون الجرعة حوالي (مائة وعشرين مليجراما) في اليوم، أنا لا أعرف الجرعة التي تتناولينها أنت الآن، لكن قطعا الجرعات الكبيرة نسبيا هي المطلوبة، عموما راجعي هذا الأمر – أي موضوع الدواء – مع طبيبك، وأنا متأكد أن الطبيب يمكن أن ينقلك لدواء آخر، مثلا (زولفت) والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) وجد أنه مفيدا جدا في علاج الخجل الاجتماعي وتحسين المزاج.
أما بقية ما ورد في استشارتك فقد قامت الدكتورة رغدة – جزاها الله خيرا – بالإجابة عليه بكل اقتدار، فأرجو أن تأخذي بما نصحتك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
--------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-،
تليها إجابة: د. رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم- :
أعتقد بأن قصدك أن لديك تكيسا على المبايض, وليس كيسا, فالكيس لا يسبب انقطاع الدورة لفترة طويلة, كما أن الكيس لا يستمر لمدة سنة، وإن استمر الكيس لأكثر من شهرين إلى ثلاثة أشهر، فهنا يجب استئصاله جراحيا, لذلك أستبعد أن يكون لديك كيس، لكن قد يكون لديك تكيس.
فتكيس المبايض يسبب عدم انتظام في الدورة الشهرية، وقد يسبب انقطاعها لفترات طويلة، وزيادة الوزن قد تؤدي إلى تفاقم حالة التكيس, وقد تؤدي إلى ظهور أعراض تعكس ارتفاع هرمون الذكورة في الدم، مثل: ظهور حب الشباب، ظهور شعر في أماكن غير مألوفة للنساء، تساقط شعر الرأس أو غير ذلك.
الدواء الذي تتناولينه للرهاب الاجتماعي يعتبر دواء آمنا -بإذن الله-، ومن غير الشائع أن يسبب مشاكل في الدورة الشهرية، أو في الوزن، لكن بالطبع إن الاستجابة للأدوية تختلف بين المرضى، فنفس الدواء قد يسبب مثلا زيادة في الوزن عند شخص، بينما قد يسبب نقصا في الوزن عند شخص آخر, وذلك حسب طبيعة جسم كل شخص، وستتم إفادتك عن تأثير الدواء الذي تتناولينه بشكل أفضل من قبل أستاذنا الفاضل الدكتور محمد عبد العليم -حفظه الله-.
على كل حال، وقبل القول بأن السبب في انقطاع الدورة هو زيادة الوزن، أو تكيس المبايض, فإنه يجب دوما عمل بعض التحاليل الهرمونية الأساسية، لنفي احتمال وجود خلل ما، يكون هو السبب في اضطراب الدورة الشهرية، مثل أن يكون هنالك اضطراب في الغدة الدرقية, أو في الغدة النخامية, أو ارتفاع في هرمون الحليب، أو غير ذلك، حيث إن تشخيص تكيس المبايض يجب ألا يوضع إلا بعد استبعاد الأسباب المرضية الأخرى، التي قد تعطي أعراضا مشابهه للتكيس.
لذلك يجب عليك عمل التحاليل الآتية: (LH-FSH-TOTAL AND FREE TESTOSTERON-TSH-FREE T3-T4- PROLACTIN-DHEAS )، ويفضل عملها في ثاني أو ثالث يوم من الدورة الشهرية، وإذا لم تنزل دورة شهرية طبيعية الآن، فيمكنك تناول حبوب تنزيل الدورة مثل حبوب (بريمولت) حبتين يوميا، لمدة خمسة أيام, ثم التوقف، فستنزل الدورة الشهرية خلال يومين إلى خمسة أيام -بإذن الله تعالى-, وحينها يمكنك عمل التحاليل السابقة في ثاني أو ثالث يوم من الدورة.
إن تبين من التحاليل السابقة عدم وجود سبب لاضطراب الدورة, فهنا يمكن القول بأن السبب هو وجود تكيس على المبايض، وقد ازداد حدة بسبب زيادة الوزن، والعلاج في هذه الحالة يجب أن يكون عن طريق ممارسة الرياضة بانتظام، والعمل على خفض الوزن، ليصبح ضمن المعدل المقبول لطولك.
ويمكن في نفس الوقت البدء بتناول حبوب تسمى (الجلوكوفاج عيار 500 ملغ) حبة واحدة في اليوم، في الأسبوع الأول، ثم حبتين في اليوم في الأسبوع الثاني, ثم ثلاث حبات في اليوم في الأسبوع الثالث, ثم الاستمرار على ثلاث حبات يوميا بعد ذلك، فهي الجرعة العلاجية المناسبة لتكيس المبايض.
ويمكنك أيضا البدء بتناول حبوب منع الحمل من النوع الثنائي الهرمون، مثل حبوب (جينيرا أو ياسمين )، وهنا أقول لك لا تخافي من تناول هذه الحبوب، فهي تعتبر آمنة جدا عند غير المتزوجات، وهي ستساعد في إزالة التكيس، وفي تنظيم الدورة، وستساعدك مستقبلا على حدوث الحمل -بإذن الله تعالى-.
نسأل الله -العلي القدير- أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية دائما.