السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشعر بحالة حزن شديدة تلازمني منذ سنين، حيث تعرضت لعذاب من أبي ومن أصدقائي، ولا أجد في الناس مخلصا؛ مما يزيدني ألما حيث أعرف أن كل من يريد أن يكلمني يريد شيئا وبعد أن يصل لما يريده لا يعرفني ثانية!
كما أعاني من ضعف جسدي، وأشعر بحالة حزن شديدة حينما أستيقظ وحينما آتي لأنام، وهي ملازمة! وأحداث الماضي المؤلمة أشاهدها أمامي ليل نهار، وأريد البكاء! في كل ثانية أريد أن أجلس دائما وحدي وأبكي.
أصبحت عادة لدي الآن، حيث أسكن مع زملاء العمل، فإذا كانوا بالخارج ووجدتني وحدي أستغرق في البكاء الشديد، ولا أعرف ما أنا فيه، حيث كنت أصلي وأحافظ، والآن ربما أصلي فرضا وأترك الآخر!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية نرحب بك ابننا الفاضل، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونؤكد لك أن العلاج مما أنت فيه يبدأ بالمواظبة على الصلاة، فالصلاة أمان في الأرض، وكان الصحابة وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبهم أمر واشتد بهم الحال يفزعون إلى الصلاة، يتأولون قول الله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
من هنا فنحن ندعوك إلى مسيرة التصحيح لهذا الخلل النفسي بالمواظبة على الصلاة، والمواظبة على ذكر الله تبارك وتعالى، ثم عليك بكثرة اللجوء إلى الله، فإن مفاتيح الخير بيد الله تبارك وتعالى.
نتمنى طي صفحة الماضي، فلا ترجع إلى الوراء، ولا تبك على اللبن المسكوب، واعلم أن قسوة الوالد عليك كان يريد لك الخير، والحمد لله الذي وفقك فاستطعت أن تدرس وأن تعمل، وهذا دليل على أنك قادر على النجاح، فاسع في هذا الطريق، وتوكل على الكريم الفتاح سبحانه وتعالى، وتجنب الوحدة، ولا تعزل نفسك، وحاول دائما أن تخالط الناس وتصبر على أذاهم، لأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر.
نحن لا نوافق على أن جميع الناس أهل منفعة، فستجد الأخيار، لكن عليك أن تبحث عنهم، وإذا استطاع الإنسان أن ينفع إخوانه ويبتغي ما عند الله فذلك أيضا خير، والناس معادن، والدنيا هذه مدرسة، والإنسان ينبغي أن يتعرف على من حوله جيدا قبل أن يتداخل معهم.
أسس صداقتك وعلاقتك مع إخوانك على الإيمان بالله والتقوى له، ثم على التواصي بالحق والتواصي بالصبر، واعلم أن ما عند الله من توفيق وخير لا ينال إلا بطاعته، فاشغل نفسك بالخير، ودائما حاول أن تنظر إلى الحياة بإيجابية، وانظر إلى الجانب المشرق، وإذا أساء إليك إنسان وقصر في حقك فاعلم أن حقك لن يضيع عند الله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.