السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أبحث عن حل لمشاكل تحصل بين الوالدين بسبب عدم رضاي على ما يفعل من تسيب وإهمال في البيت، مع العلم أني أسكن بعيدا عن منزل والدي، ولدي فراسة وأعلم بعض الأشياء، أعلمها عندما أدخل المنزل، وأنصح والدي ووالدتي، ولكن لا حياة لمن تنادي، وأغضب بسبب إعطائهم لي وعودا والعودة في اليوم الثاني، وذلك بسبب بعض الأخوات في المنزل، لا يريدون من أبي أن يستمع لي، مع أن والدي يلجأ إلي في أي وضع مستعص، وأقوم بحله بشتى الطرق، وأخواتي يريدون أن يكون وضعهم منفتحا بعض الشيء، وهذا لا يناسب قيمنا وديننا، وأنا في الواقع مصلح اجتماعي، لكن لم يمر علي مثل هذا.
أبي عمره الآن 78 سنة، وأمي قاربت الـ60، وحصلت فرقة بيننا بسبب العنصرية من والدتي، حزب اجتمع معي، وهو الأكثر، وأيدوا أني محق في جميع الحالات، وحزب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وأنا الآن في دوامة لا أريد لأبي السؤال يوم الحساب، ولا أريد أن يغضب علي، فما العمل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو نايف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونؤكد لك أن أولى الناس بنصح الإنسان هم الآباء والأمهات، لكن هناك منهج في النصح للآباء والأمهات، وهو منهج في غاية اللطف، وفي غاية الشفقة، نتعلمه من خليل الرحمن {يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ... يا أبت} ونتعلمه من خليل الرحمن عندما تنازل وحين قال الأب: {لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا} ما غضب ولا يئس، ولكنه قال في أدب: {سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}.
فالإنسان عليه أن ينصح لوالديه ويتحرى الأوقات الفاضلة، والأساليب الجميلة، فإذا غضبوا أو تغيروا يسترضيهم، ثم يعود مرة أخرى لينصح، ونحن ننصحك في هذه الحالة أن تكون لك صلات جيدة بأخواتك، خدمات تقدمها، فإن القرب منهن والقرب من الوالدين يفوت عليهن الفرصة في تحريض هذا أو ذاك عليك، ولذلك ينبغي أن تكون قريبا من والديك، تلبي لهم الطلبات، وتحرص على أن ترضيهم، وتقدم بين يدي نصحك لهم صنوفا من البر والإحسان، وعليك أن تواصل السير في هذا الطريق، وأظهر لأخواتك الشفقة، فأنت مسؤول عنهم في كبر الوالد، ولكن الأمر يحتاج منك إلى حكمة، ويحتاج منك إلى حنكة، ويحتاج منك إلى وفاء للأخوات وإحسان لهن.
ونتمنى أن تخلص أولا لله بالدعاء لنفسك ولأخواتك ولوالديك، ثم تدعو الله قبل أن تدعوهم إلى الله، وقبل أن تذكرهم، وحاول دائما أن تبني على ما فيهم من الإيجابيات، فلا تكن مثل الذباب لا يسقط إلا على العيوب والنقائص، فلا شك أن في أخواتك، وفي أسرتك إيجابيات، فامدحهم بها، واشكرهم عليها، ثم طالبهم بعد ذلك بالمزيد، وما من إنسان ندخل له بمثل هذا المدخل الجميل – مدخل القلوب – بذكر المحاسن الموجودة، ثم بعد ذلك بالتلطف في النصح لهم، إلا كانت الاستجابة، أو كان حسن الأدب والاستماع والإرضاء ولو في الظاهر، وهذا هو ديدن الناس، ولذلك ينبغي أن تهتم بهذه الجوانب، ودائما تحاول أيضا أن تختار الأوقات المناسبة لتقديم النصيحة.
ونتمنى كذلك أيضا أن يكون لك كما قلنا اتصالات وتواصل واهتمام بهذه الأسرة، واعلم أن الآباء والأمهات في كبرهم وضعفهم يتأثرون بمثل هذه الأشياء وتزداد عندهم نسبة الشفقة، فإن رأيت أن دخولهم يعقد المسائل فتول أنت القيام بالنصائح، وحاول أن تربط الأخوات بداعيات فاضلات صالحات، وحاول أن تشجع ذهابهن إلى أماكن التعليم والتدريس وحفظ كتاب الله، واجلب إلى البيت المواد النافعة، والكتب المفيدة، وحاول دائما أن يكون همك إصلاح الأسرة، واجعل نيتك لله خالصة، لا تقل (أنا كذا وأخواتي كذا) فإن المهم هو أن يؤدي الإنسان ما عليه، فإن نبي الله نوح - عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه – لا يلام على كفر ولده، ولا يلام النبي -صلى الله عليه وسلم- على عدم إيمان عمه، ولا يلام الخليل على كفر أبيه، نحن يحاسبنا الله على التقصير، ولا يحاسبنا على النتائج، {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}، وقال: {إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب}.
ونشكر لك الحرص، ولكننا نؤكد أن اصطحاب هذا المعنى مما يعين الإنسان على الوصول إلى نتائج طيبة؛ لأنه من حرصنا أحيانا نشتد أكثر من اللازم، فتكون النتائج عكسية، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.