السؤال
السلام عليكم
بدأت أحس بالجنون، فقدت الرغبة في فعل أي شيء حتى النوم، ورغم ذلك أنام كثيرا، أحس بتوتر باستمرار، حتى أمي التي جعلتها مصدر إلهامي رغم أنها توفيت وأنا في التاسعة من عمري، كانت مصدر طاقتي، فأنجح بامتياز حتى تفتخر بي حيثما كانت، وبعد وفاتها تقربت جدا من أبي وإخوتي، لكن منذ مدة ابتعدت عنهم ولا أريدهم أن يتدخلوا في حياتي، وهذه السنة عمري 18 عاما، أحسست أني لا أريد القيام بشيء حتى دراستي، وأحن إلى أمي جدا، وأحس أنها تخلت عني وأنا في أمس الحاجة إليها الآن -أستغفر الله-، ولم أستطع الحديث مع عائلتي، حتى إني لم أستطع زيارتها في قبرها إلا 3 مرات في حياتي، وحينما ذهبت لم أجد أي كلام أقوله لها رغم أني كنت أرغب بشدة في محاورتها، والآن عندي مناظرة الباكالوريا ولم أستطع الدراسة، وأرغب في عدم اجتيازها هذه السنة، وفي ذات الوقت هذا الموضوع يوترني بشدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amatou allah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك، أعانك الله.
نعم ليس سهلا على الفتاة أن تفقد أمها وهي في هذه السن المبكرة من التسع سنوات -رحمها الله وأدخلها فسيح جنانه- وخاصة وكما فهمت من السؤال أنك ربما الابنة الوحيدة بين الأب وبعض الإخوان، فلا شك أن هذا مما يمكن أن يشعرك بشيء من الوحدة، كونك الأنثى الوحيدة في الأسرة.
فعليك بالصبر، والتيقن بأن ما عند الله لوالدتك خير مما عندكم، ولكن الله يبتلينا ليعلم صبرنا وينظر هل نرجع إليه أم لا.
وأعتقد أنه ما زال عندك بعض أعراض الحزن والشعور بفقدان الأم الغالية والعزيزة، وما هذا بغريب، فهذه حالة نفسية طبيعية، وخاصة في الأوقات الحرجة من حياتك الآن والمستقبل، كونك الآن أمام مرحلة هامة وحساسة في نهاية الثانوية، وعندك الجامعة العام المقبل.
ويمكن أن يعينك على كل هذا الحديث عن أمك -رحمها الله-، ومحاولة زيارة المقبرة، وقد دعانا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بزيارة القبر، والدعاء للمتوفى، وربما يفيد أن تطلبي من والدك أن يتحدث لك عن هذه الأم الفاضلة؛ فهذا يساعدك ويساعده كذلك، وكل هذا يساعدك أيضا على تجاوز المرحلة التي فيها، ويساعدك على متابعة درب الحياة، وكما كانت تتمنى لك أمك، وادعي لها عقب الصلاة بالرحمة والمغفرة.
حاولي أن تعوضي عن فقدان أمك، وخاصة أنها كانت ملهمتك وقدوتك في الحياة، حاولي التعويض عن هذه بأمرين:
الأول: التواصل مع صديقاتك وقريباتك، والله تعالى لا يتركنا منفردين وإنما يرسل لنا شبكة من العلاقات الأسرية والاجتماعية، ولكن علينا أن نحسن التعامل معها والاستفادة منها.
والأمر الثاني: حاولي أن لا تبتعدي كثيرا عن والدك وإخوانك، فصحيح أنك الأنثى الوحيدة بينهم إلا أنهم في النهاية أسرتك القريبة، وكثير من المواضيع غير النسائية يفيد الحوار معهم فيها.
الجئي إلى الله يا ابنتي، وأكثري من ذكره، واعلمي أن الموت حق، وأن هذه الدنيا فيها ابتلاءات كثيرة، وقدوتنا في هذا الابتلاء: النبي صلى الله عليه وسلم الذي عاش يتيما، ومع ذلك كان أنجح رجل على وجه الأرض.
حفظك الله من كل سوء، وأراح بالك، وطمأن نفسك، وجعلك من الناجحات المتفوقات.