هل يحاسب الإنسان على حديث النفس؟

0 490

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

استشارتي دينية وأرجو تحملي للأخير.

حصل لي موقف أثر على حياتي بشكل عام، مع وجود بعض الظروف الشخصية، وتعب نفسي من فترة لفترة، لكن الذي أتعبني أنني قد وجهت السباب لقريبة لي أحبها وهي كذلك، وهي شخص قريب مني جدا، وقد أحسست بدون أي سبب أو كره أو سبب واقعي بشيء داخلي يلقي بلفظ بذيء جدا جدا قريب للقذف، لكن للأسف أن الكلمة طلعت، كانت بيني وبين نفسي لكن اللسان تحرك وقلتها، وقتها كنت أفكر أنه حديث النفس، وكنت أجرب قول الكلمة بيني وبين نفسي، وأعني بالكلمة قريبتي، لكنها طلعت الكلمة علنا، فشعرت باستغراب وضيق شديد، وكنت ألوم نفسي طول الوقت وأقول كيف قلت عنها ذلك وهي طيبة، وسكت بعدها واستغفرت، وبقيت في ضيق ليوم تقريبا.

وقد أخبرتها أنني لا أعرف لماذا قلت لها هذه الكلمة، فأنا أحبها وبيننا احترام وحب وتقدير، ولا يوجد أي سبب أو خلاف يستدعي ذلك، لكن أحسست بشيء يجعلني أقولها ولم أكن مرتاحة عندما قلتها، وكأني أقول لنفسي هذا حديث النفس، لأني كنت قد قرأت عن الموضوع ثم صار الموقف، فندمت واستغفرت وشعرت بتأنيب بالضمير أدى إلى تعب نفسي خفيف.

قرأت عن حديث النفس وقتها، وشعرت باطمئنان والله أنه كان كذلك، لكنني أرجع وأتذكر الموقف وألوم نفسي؛ كيف أنني قلت ذلك عن هذه الإنسانة بالتحديد، وأكلم نفسي بصوت مسموع.

وعدت أقرأ عن حديث النفس وفهمت المقصود منه، والآن أفكر في الكلمة قبل أن أقولها للناس، ولم أكن أعرف لما طلعت الكلمة أن هناك ملائكة تسجل كلام الإنسان حتى ولو كان لوحده في مكان منعزل، وعرفت أن قولي لم يكن حديث النفس، وممكن أن أكره نفسي كلما تذكرت الموقف.

بعدها تعبت وكانت نفسيتي غير مرتاحة، فخطر ببالي أن أقرأ عن السيئات، ففرحت عندما عرفت أن السيئة لا تسجل إلا بعد ساعات، وأنا وقتها ندمت، وأذكر والله وأعلم أنني استغفرت، لكن متأكدة أنني لم أكن مرتاحة نفسيا لما صار، وتعبت كيف أقول هذا الكلام عن هذه الإنسانة وأنا أحبها، حتى قبل أن أكتب لكم سألت كثيرا عن هذا الشيء، وأنا تعبت جدا.

الكلام غير مرتب، وأتمنى أن تفهموني وتجدوا لي حلا، وهل تعتبر هذه سيئة فعلا؟ هل كتبت أم لا؟ طالما استغفرت وقتها، أو إذا كان جهلا مني، وقتها كنت أفكر أنه حديث النفس وطلع العكس، لكن قلتها أنا للإنسانة نفسها، وبعد ذلك رجعت أنطق الكلمة بدون ذكر الإنسانة، أجرب اللفظ، وكما ذكرت كنت وقتها أفكر أنه حديث النفس وطالما لم أخبر به أحدا فحديث نفس وجهل ديني نوعا ما، وهل إذا مثلا بأقل من 6 ساعات استغفرت لا تكتب علي ما دام أني كنت بضيق؟

ثانيا: هل علي أثم؟

فأتمنى رأيكم لهذه المشكلة، وماذا أفعل بلوم نفسي الفظيع الذي جعلني لا أستمتع بأي شيء كلما تذكرت الموقف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه الصديقة والقريبة، ونشكر لك هذه النفس اللوامة التي تلومك على هذا التقصير، رغم أنه في الحقيقة لم يحصل تقصير، وقد عالجت ذلك بالتوبة للرب القدير -سبحانه وتعالى-، الذي يغفر الذنب ويقبل التوبة ويعفو ويصفح -سبحانه وتعالى-.

فأنت على خير ولله الحمد، وهذا العمل - إن شاء الله تعالى – لم يكتب، وهو أيضا من الأعمال التي يغفرها الغفور -سبحانه وتعالى-، طالما أن اللفظ كان وحدك ولم يخرج، وبعد ذلك كل ما حصل من تخليط هو من عدونا الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، فلا تجعلي هذا العدو ينجح في أن يجعلك تعيشين المآسي والأحزان والهموم، ويشغلك بذلك عن مزيد من الطاعات ومن الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.

فإذا ذكرك الشيطان بالموقف فما عليك إلا أن تذكري الله وتستغفريه، عندها سيحزن هذا العدو، سيهرب هذا العدو، الذي يندم إذا استغفرنا، ويحزن إذا تبنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، فعامليه بنقيض قصده، وبذلك سيهرب منك.

كلما ذكرك الشيطان، كلما أراد أن يعود بك إلى الوراء نوصيك بالذكر والاستغفار والتوبة، ونؤكد لك أن هذا الندم الحاصل دليل على أنك تائبة، فالندم توبة، والتوبة تمحو ما قبلها، وتجب ما قبلها كما قال النبي - عليه صلاة الله وسلامه – فلا تقفي طويلا أمام هذا المشهد، أمام هذا الموقف، واعلمي أن مثل هذه الأمور يغفرها الغفور -سبحانه وتعالى-، والحمد لله أن الأخت الصديقة – الطرف الثاني – لم تسمع الكلمة ولم تتأذ بها، وحتى لو حصل مثل هذه المواقف فإن التوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى- وطلب العفو من الأخت إذا كانت قد سمعت، إذا كان قد بلغها هذا، وأيضا إذا لم يترتب على إخبارها بهذا ذنب أكبر أو خطيئة أكبر، وفي حالتك لا نريد أبدا أن تخبري أحدا بما حصل، ولكن توبي بينك وبين الله، وهو التواب، وهو الغفار -سبحانه وتعالى-.

وكما قلنا: كلما ذكرك هذا العدو عليك أن تجددي الاستغفار والذكر والتوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى-، فتكسبي بذلك حسنات، وترتفعي بذلك عند الله درجات، وتغيظي عدونا الشيطان، الذي همه أن يحزن أهل الإيمان.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونكرر: لا تتوقفي عند هذا المشهد، فإن الغفور الرحيم يمحو هذه الذنوب ويقبل التوبة عن عباده -سبحانه وتعالى-. وأسعدنا وأعجبنا أيضا أنك رجعت بسرعة واستغفرت، فلن يكتب هذا الذنب بإذن الله وفضله ومنه.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات