السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكر جهودكم الجبارة في خدمة الإسلام والمسلمين، جعلها الله في ميزان حسناتكم.
عندي مشكلة منذ عدة سنوات، وهي أني أشتهي الأكلات المالحة بشراهة، ولا أعرف السبب، فإذا أكلت حبة شوكولاتة خاصة المنتجات التجارية، أشعر بارتفاع السكر لدي ولا أستطيع أن أكملها، وكذلك التمر فلا أستطيع أن آكل أكثر من ثلاث حبات وكأن السكر قد وصل لحلقي، وأنا الآن حامل في الشهر الخامس وهذا الذي زاد الطين بلة، ما هو السبب برأيكم؟ هل هي عوارض مرض السكري؟ مع العلم أن أبي وأمي يعانيان من هذا المرض.
ولدي سؤال أخر: هل هذه المقولة صحيحة: إن المرأة الحامل إذا اشتهت أكلة معينة ولم تحصل عليها سيظهر أثر على طفلها؟ رغم أني لا أؤمن بهذا الكلام نهائيا.
وأعتذر على الإطالة، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرد لك الشكر بمثله، ونسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى دائما، ونرحب بتواصلك مع الشبكة الإسلامية.
إن ما تشعرين به من رغبة في تناول الأطعمة المالحة يعتبر أمرا طبيعيا في الحمل، وفي بعض الأيام من الدورة الشهرية، وهو لا يعتبر مرضا، والتفسير العلمي لهذا الأمر في الحمل، هو أن جسم الحامل يحتاج إلى كمية أكبر من المعتاد من عنصر الصوديوم، وذلك بسبب الزيادة الكبيرة التي تحدث في حجم الدم عندها من أجل تأمين متطلبات جسمها، ومتطلبات الحمل.
والصوديوم (وهو العنصر الموجود في ملح الطعام) هو من العناصر الأساسية والضرورية التي تدخل في تركيب بلازما الدم، وتحافظ على تركيزها، لذلك فإن زيادة المتناول من الملح بدرجة معتدلة يعتبر استجابة فيزيولوجية جيدة، تحدث في جسم الحامل بتأثير هرمونات الحمل التي تفرز من المشيمة، وبعد الولادة مباشرة ستلاحظين بأن جسمك قد بدأ يتخلص وبسرعة من هذه السوائل، والأملاح التي تم حبسها خلال فترة الحمل، فستلاحظين بعد الولادة كثرة حدوث البوال أي تكرار التبول.
وذات الأمر يمكن أن يحدث في فترات من الدورة الشهرية، خاصة بعد حدوث الإباضة تناول نوع معين من الأطعمة هو بسبب أن الجسم يكون بحاجة إلى المكونات الغذائية الموجودة في هذا النوع، فمثلا: يعتقد بأن الميل إلى تناول اللحوم بكثرة قد يكون بسبب وجود نقص في مخازن الحديد، أما الميل إلى تناول الأجبان والحليب قد يكون بسبب وجود نقص في الكالسيوم وفيتامين (د) وهكذا، هذه النظرية يؤمن بها البعض ويرفضها البعض الآخر، لكنها لا تزال غير مؤكدة بالدراسات.
وأحب أن أطمئنك بأنه لا علاقة بين ما يحدث معك وبين مرض السكر، وما يحدث عندك لا يعتبر من أعراض السكري أبدا، وأعراض السكري المعروفة هي: كثرة العطش، وكثرة التبول، خسارة الوزن، وغير ذلك، وحتى هذه الأعراض فإنها تعتبر أعراضا ظنية فقط، فهي لا تشخص مرض السكري، لكن تجعلنا نشك فقط بوجوده، وتشخيص السكري أو السكر الحملي لا يتم إلا عن طريق تحليل الدم، وهو أمر سهل جدا، حيث يتم عمل تحليل سكر الدم على الريق، أو تحليل تحمل السكر.
ولا صحة لما يقال بأن اشتهاء الحامل لبعض الأطعمة قد يظهر على المولود أثرا في حال لم تتناول هذا الطعام، هذا الكلام هو من الخرافات والخزعبلات ليس إلا، وقد يكون تفسير ما تلاحظه بعض النساء هو أن بعض الوحمات أو الاورام الجلدية تتظاهر عادة على شكل كتل صغيرة تشبه حبة التوت، أو الفراولة أو العنب، وبعد أن تلاحظ الأم ظهورها على مولودها، فإنها تقوم بربطها بحادثة ما بأثر رجعي، كأن تتذكر أو تتخيل بأنها قد أحبت يوما تناول العنب أو التوت أو الفراولة أو غير ذلك، لكنها لم تتناوله، ومن الناس من لا تحب تناول العنب في الحمل أو خارج الحمل، ولم تظهر هذه الوحمة أو الورم على وليدها، ولم تتذكر أصلا أنها اشتهت العنب ولم تتناوله.
إذا: مثل هذه الأفكار يجب أن تتغير، وتستبدل بفهم صحيح وعلمي عن فيزيولوجيه الحمل وتطوره، عن طريق قراءة بعض الكتب الموثوقة الخاصة بالحمل، أو حضور دورات أو محاضرات بهذا الخصوص.
أنصحك بمتابعة حملك مع طبيبة مختصة واتباع إرشاداتها، كما أنصحك بإبعاد الهواجس والمخاوف التي لا داعي لها، والتي لا تمت للعلم بصلة، واستمتعي بحملك الآن، فعلى الرغم من كل متاعبه وأعبائه، إلا أنه يعتبر من أجمل الفترات في حياة كل أم، ستستمتع بتذكرها وبرواية تفاصيلها طوال العمر، فاجعلي هذه الفترة ذكرى جميلة وممتعة قدر ما تستطيعين.
نسأل الله عز وجل أن يتم لك الحمل والولادة على خير.