أبي يعيش في دوامة الشك في أخلاقي!

0 395

السؤال

السلام عليكم
إخوتي المستشارين أعرض عليكم مشكلتي، فليس لي -بعد الله- سواكم.

أنا فتاة في منتصف الثلاثينيات، ناجحة في عملي ويشهد لي بالأخلاق الحميدة -ولله الحمد-، أعاني من شك أبي في أخلاقي، فهو يمنعني من زيارة صديقاتي، ويريد أن أقتصر حياتي ما بين عملي والمنزل، حتى عندما أتحدث مع إحداهن في الهاتف في غرفتي، يقوم بتوبيخي، وأنا لا أستطيع أن أتحدث أمامه، فهو يفسر ويؤول كلامي معهن على غير معناه، وبما يخدم شكوكه، أصبحت أخشى وأرتعب عندما يرن جرس هاتفي، وأنا متأكدة أنها صديقتي، لكن من شدة شك أبي أخشى كأنه رجل غريب هو الذي يتصل.

أبي رجل حنون وطيب، لكنه شكاك، يسافر ويخرج ويسمح لإخوتي الشباب بالسفر للخارج وحدهم، رغم أنهم أصغر مني سنا، لكن أنا يمنعني حتى من زيارة صديقاتي، في صغري عانينا من الذل والقهر بسبب شكه الذي أحدث مشاكل بينه وبين أمي، لدرجة أنها تتركنا وتذهب لبيت أهلها.

حتى في مسألة زواجي له شروط معقدة، ولم يتنازل عنها إلا بعد أن بدأت أدخل مرحلة العنوسة، وقل من يطرق بابي لكبر سني، أختي التي تصغرني بعام متزوجة برجل مطلق، ويسمح لها بالزيارة، والخروج براحتها، ولا يمنعها مما تريده، في الوقت الذي أحاسب وأمنع من أمور لا غبار عليها، مجرد أنني أريد أن تكون لي حياة اجتماعية، فليس لي زوج ولا أبناء.

لا أعلم ماذا أفعل أو كيف أتصرف، ليس لي مكان ألتجأ إليه، وليس لي ظهر أتكئ عليه غير الله -عز وجل-، وصلت لمرحلة أحدث نفسي أنه لو مات ستكون حياتي أفضل، لا أريد أن أكون عاقة وأدعو عليه، لكن ما يفعله بي يقهرني، إنه يسمح حتى لإخوتي الذكور الذين لا يتجاوز أكبرهم 28 من العمر أن يتحكموا بي وبأموري، في حين أن منهم من لديه علاقات محرمة بعلم أبي، في الوقت الذي يشهد بحسن أخلاقي، وأبي كانت له علاقات محرمة -هداهم الله-.

ماذا أفعل لأتخلص من تسلطهم وشكوكهم، لو هربت من المنزل واستقليت بحياتي، سأكون أنا الخاسرة، ولو صبرت على ما أنا فيه أخاف أن يقضي علي القهر والغيظ، فالوضع الذي أنا فيه أصبح يؤثر على نفسيتي وصحتي، أصبحت أخرج من مرض إلى مرض آخر، أفيدوني ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك حسن العرض للاستشارة، وننتظر من العاقلات المعلمات الفاضلات أمثالك أن يتحملن التقصير والجهل من الآباء والأمهات، وهذا الأب لا شك أنه يريد الخير لكنه أخطأ الطريق، لكنا لا نوافق على أسلوبه، لكنا لا نرضى بهذا الذي يحدث، ولكن مع ذلك فإنا نريد أن تستمري على ما أنت عليه من الخير والطاعة والإنابة لله -تبارك وتعالى-، وأنت -ولله الحمد- إذا كنت طاهرة ونظيفة – وأنت كذلك – واثقة من نفسك فلن يضرك ما يحصل من الوالد الذي ربما عنده – كما عند كثير من الآباء – خوف على البنات وتساهل مع الأبناء، وهذا في حد ذاته أمر يحتاج إلى وقفة، فإن – بكل أسف – هناك في بعض عاداتنا أن الولد – كما يقال – لا يلحقه عيب، وأنهم يخافون على الأنثى، وهذا خطر كبير جدا، لأن العيب والخطأ مرفوض من الولد ومن البنت، والعلاقات المحرمة مرفوضة من الطرفين.

لذلك ينبغي أن ننظر بنظرة شرعية، والإنسان يبدأ صيانته لعرضه بصيانته لأعراض الآخرين، فكيف نسمح لأبنائنا أن يعبثوا بأعراض الآخرين ونتهاون في هذا الجانب، ألا يتقي الله، ألا يدرك أنه سيعبث في عرض امرأة أخرى، بعرض أسرة أخرى.

لذلك هذه المفاهيم لا بد أن تتغير، ونحن نحتكم إلى هذه الشريعة، فلا يحملك التقصير الحاصل منهم، ولا التجاوز الحاصل منهم، ولا القهر الحاصل منهم، على أن تخرجي عن الصواب، وعلى أن تخرجي عن طاعة الكريم الوهاب.

أسعدني أنك لا تجدين غير الله، وكفى بالله حسيبا، وكفى بالله وكيلا، وكفى بالله شهيدا، ماذا فقدت -يا ابنتي- من وجدت الله -تبارك وتعالى-؟ فحافظي على ما أنت عليه من سمات وأخلاق فاضلة، واطلبي معونة العقلاء من الأعمام والأخوال المؤثرين عليه.

إذا كانت الوالدة قد عانت فلتكن لك قدوة فيها، أمثال هؤلاء الآباء يحتاجون إلى صبر، وأنت ستأجرين مرتين، تؤجرين لأنك طاهرة وعفيفة وصابرة، وتؤجرين لأنك تتحملين هذا الوضع من الوالد ومن الإخوان، الذين نريد أن نؤكد أن نيتهم صالحة، لكنهم أخطأوا الطريق، إنهم يريدون لك الخير لكنهم ما عرفوا الطريق إلى الخير.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الصبر، وعلى الثبات، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، ولا تتركي التواصل مع الفاضلات الصالحات، ودائما شكلي حضورا في أماكن المحاضرات وتجمع الخيرات، واعلمي أن كل صالحة تبحث عن أمثالك لأخ لها أو لابنها، أو لمحرم من محارمها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لك التوفيق والسداد، وأن يعجل لك بالفرج والخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات