أبي يحطم نفسيتي بأسلوبه وتعامله القاسي لي.. فهل أهجر بيت أبي؟

0 421

السؤال

السلام عليكم ورحمة لله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة، عندي مشكلة ضخمة، والله تكاد تمزقني بل وحطمت كرامتي، وتجعلني أحيانا أحس أني إنسان بدون قيمة، بدون الثقة في النفس، أحس أني لا أستطيع العيش والاندماج مع المجتمع كجميع الناس، أنا الآن عاطل، ليس لأني قد بحثت عن العمل، ولم أجده، بل ثقتي في نفسي تجعلني أتراجع، وأشك في قدراتي، هذا المشكل أظن أنه قد سببه لي أبي، فأبي لم يقل لي يوما قط أني عملت شيئا جيدا، أو أحسنت في شيء، فمنذ صغري، وأنا أعاني من هذا المشكل.

اليوم كبرت وما زال على هذا الحال، فإن سألته عن شيء يجيب بعنف، يعني يريد يقول لي أني غبي، ولا أفهم في شيء، وقال لي مرات عديدة أني لا أصلح لشيء، لا يعرف معنى النقاش كجميع الناس بهدوء، حتى صرت لا أتكلم معه، ولا أناقش معه إلا قليلا.

المهم أني مللته ولم أستفد منه شيئا، أنا أفكر أن أهجر بيتي، أريد أن أنسى كل ذلك الذي سمعت منه، وأبدأ حياتي من جديد، ولكن خفت من أن أكون عاقا، إنا أعلم أن إبراهيم عليه السلام قد صبر مع أبيه إلى آخره، ولكن هذه قضية كرامة ومسقبل، لقد صرت إنسانا عديم الشخصية، كيف لي أن أصبر مع الذي يقول لي أني لا أفهم في شيء، ويعاملني كأني أخرق؟ فهذا يسبب لي كثيرا من المشاكل، ومنها أني رغم أني محترف في وظيفة السباكة، إلا أني لم أبحث عن عمل، أظن أنني لا أصلح لذلك، وسأرتكب أخطاء، ولم أنجح في عملي، أليس للابن حق في أن يهجر ويترك كل هذا أم الحقوق فقط للوالدين ليفعلوا ما شاءوا في أبنائهم، أتمنى الرد، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فرغم صعوبة الموقف الذي أنت فيه، ورغم الخطأ الذي يعاملك به الوالد، ورغم أن الكلمات السالبة لها آثار كبيرة جدا على نفس الإنسان، إلا أننا على قناعة أنك بإذن الله قادر على تجاوز هذه الأزمة، والدليل هو هذه الأسطر التي أرسلت بها إلينا وعبرت بها عما في نفسك من معاناة وضيق، وأظن أن الإنسان الذي يستطيع أن يكتب بهذه الطريقة ويفهم بهذه الطريقة من السهل عليه إذا استعان بالله وتوكل عليه أن يخرج مما هو فيه.

لا شك أن الوالد بفعله هذا يؤثر عليك، ولكنك تستطيع أن تخرج بعيدا عن هذا التأثير، خاصة وأنت تحمل حرفة في يدك، والمهنة عندما تكون في اليد أو المهارة هذه أبرك وأقرب إلى إرضاء الله تبارك وتعالى، وأقرب إلى مسألة الحلم، وهي ميدان مفتوح مع المجتمع، أنت تخرج من البيت وليس من الضروري أن الوالد سيعرف في أي بيت ستعمل، ومع أي مقاول ستشتغل، فعليك أن تخرج لتعمل، ثم تعود لوالدك بالاحترام والصبر والاحتمال وأثبت له عمليا أنك قادر على العمل.

ونحب أن نؤكد أنه لا يوجد إنسان يعمل بلا أخطاء، ولم يتوقف الناس في يوم لأنهم أخطأوا، بل لم يتوقف المخترعون لأنهم فشلوا 99 مرة، أو أكثر من ذلك، بل بعضهم حاول ألف مرة، ثم مرات بعد الألف حتى أنجز بعض الاقتراحات، ولذلك ما ينبغي أن تعطي الموضوع أكبر من حجمه، وأنت ولله الحمد في عمر يؤهلك للخروج والاستقلال بنفسك، وليس معنى ذلك أنك ستعاند الوالد، فالوالد أول من سيفرح بنجاحاتك؛ لأنه ما فعل هذا إلا لأنه يريد لك الأفضل والأحسن، ولكنه أخطأ الأسلوب الصحيح والطريق الصحيح الذي يوصل المعالي، نسأل الله أن يعينك على الخير، ونكرر الترحيب بك ونؤكد أنك تستطيع أن تفعل الكثير، فأبدأ وتوكل على الله تبارك وتعالى، واجعل ما يقوله الوالد حافزا -ولكن في الاتجاه الصحيح- ودافعا، ولكن في الاتجاه الصحيح فإن مثل هذه الكلمات ينبغي أن تبعث عندك التحدي والرغبة في إثبات القدرات التي وهبها لك الوهاب، نسأل الله أن يعينك على الخير، ونكرر الترحيب بك.

وأرجو أن تقترب من الوالد، وتجتهد في بره، وتحمل كلامه رغم قساوته ورغم سلبيته على أحسن المحامل، فالوالد دائما يريد أن يرى ولده ليس فاضلا، بل يريده أفضل الناس، وأنجح الناس، وإذا تأخر فإنه يشتد عليه، وقطعا لا نتفق على هذا الأسلوب، ونحن بدورنا نشجع، ونضع يدنا في يدك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات