السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد -خاتم المرسلين-.
لا أعرف كيف أبدأ نزف جروحي، ولا أعلم كيف أبوح بألمي ووجعي! بلغت من العمر 32 عاما، وأنا أعيش بين أحضان النار يوما تلو الآخر، ولا أعلم كيف أخرج منها!
لا أذكر أني أكملت شهرا كاملا في الصلاة، ولم أكمل ولا أيا من شهور رمضان، بل بالعكس يزيد عصياني في الشهر الفضيل بعدم الصوم، ويصبح مزاجي وحشيا! لا أطيق نفسي!
يأذن الله لي بالهداية فترة أسبوعين أو ثلاثة، وفيهم أذوق حلاوة لا أستطيع وصفها، من حلاوة التزام في المسجد، دعاء مستجاب، حماية من الله، أقسم بالله أشعر في هذه الفترة أني غائب عن الوعي؛ من لذة وحلاوة الإيمان!
كل سنة أعزم على الصوم والصلاة، وأول رمضان أكون في حالة روحانية -مع الله- عالية بشكل لا يوصف؛ ثم فجأة بدون أي مقدمات، كل شيء يتبخر كأنني لا أمت للإسلام بصلة!
معذب الضمير، 24 ساعة في يومي دائما أسأل: يا رب هل طردتني من رحمتك؟ هل تحبط أعمالي؟ هل حكمت علي بالموت مذنبا مبتعدا عنك؟!
لا أعلم -يا شيخي الكريم- لا أعلم ماذا دهاني؟! لا أعلم هل أنا فعلا مطرود من رحمة الرحمن!؟ من أفطر يوما عامدا متعمدا لن يفيده الدهر كله؛ فهل حكم علي بالطرد من رحمته؟
أقسم بمن أتذلل إليه خوفا بأن يهديني للصراط المستقيم؛ أن الفترة التي ألتزم بها -وهي قليلة-، أشعر وكأن الأرض كلها ملكي، ولا شيء يصعب علي!
أصحو وحدي لصلاة الفجر في المسجد، وإن غفلت؛ أرى رؤيا بشخص اسمه (عبد الله) يوقظني! أصحو قبل الأذان بساعة لأقوم الليل وأقرأ القرآن، وصحتي تتمتع بنشاط غريب عجيب لم أشهده من قبل، ثم بعد أسابيع قليلة يتبخر كل هذا، وتتبدل أموري بالعصبية وكره نفسي، أكره نفسي حتى أني أحاول عزل نفسي عن الناس من تأنيب الضمير!
لا أعلم، إن كان كل هذا دلائل على طردي من رحمة الله، التي من دونها لن أفلح لا دنيا ولا آخرة؟!
عشت وحدي سنوات طويلة أرفض الزواج؛ من خوفي على شريكة حياتي من نفسي، ولكن أكرمني الله وتزوجت، وأحترمها جدا جدا، وأعاملها بما يرضي الله، ولكن عندما تصيبني العصبية لا أعرف بماذا أتكلم، وماذا أفعل؟! كلما أشعر بنفسي أني غير ملتزم؛ أكره الدنيا وأكره الناس وأكره كل من حولي!
لا أعلم ماذا أقول؛ فإن أفطرت عامدا متعمدا فلن أفلح، حتى لو صمت الدهر كله! كيف أعوض السابق؛ كيف؟! كيف أرضي الله وكيف أدخل رحمته، وأذوق حلاوة التذلل لوجهه الكريم؟!
كل الأعوام التي مضت شهدتها بالعصيان وعدم الصلاة والصوم، وعندما أنوي التوبة، لا يقدر الله لي الاستمرار؛ فهل هذه هي النهاية؟
إن الله -سبحانه- عندما يرضى التوبة من شخص يثبته ويعينه، ولكن يحصل معي العكس تماما، أنا لا أعلم -ولا أي شخص يعلم- بقدر الله وما كتبه لنا، ولكن هنالك مؤشرات نشهدها دائما.
مع أنني شخص ذو ثقافة عالية؛ وخصوصا في علم التنمية البشرية، وأكره التشاؤم، وأكره التراجع للخلف -بفضل الله-، ولكن أمام حق الله الذي لم يوفيه أحد -لحد الآن- أقف عاجزا مكتئبا باكيا، يمر علي اليوم بسواد حالك!
أرجو من سماحتكم النظر في رسالتي بعين الرحمة والتدقيق؛ فأنا أشعر بأن أيامي محدودة، وأستشعر بالموت يقترب مني يوما بعد يوم، وأخاف أن أموت على معصية الخالق!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.