السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أرجو من حضراتكم قراءة استشارتي بتأن ودقة، وأنتظر الإجابة بفارغ الصبر، فلا تهملوها.
أنا شاب أعزب، عمري حاليا 28 عاما، كنت من الذين يفعلون الاستمناء، وذات يوم حدثت لي حادثة، فأصبت في الجهاز التناسلي تماما، وأجمع الأطباء على أني لن أستطيع الزواج إطلاقا، فجهازي التناسلي مدمر تماما، وأنا الآن أعيش حياتي حاليا بائسا مهموما، وليس عندي أي دافع أو حافز للتطور في أي مجال من مجالات الحياة، سواء في وظيفتي أو أي مجال، وليس عندي أي هدف في الحياة، حتى أني فكرت في التقدم لخطبة فتاة لكني تراجعت؛ لأن كثيرا من الناس يحبطونني ويقتلونني بكلامهم الشديد الذي لا يستطيع أي أحد تحمله، فمثلا يقولون لي بأني لست رجلا، وغير ذلك الكثير والكثير.
أصبحت أفكر في الانتحار حتى أستريح، فأنا في عذاب دائم، حيث الكثير من الناس في الشارع وفي مكان العمل وأماكن أخرى يعرفون ما حدث لي، ويتناقلون الكلام ويقولون بأني عاجز جنسيا، فماذا أفعل؟
أرجوكم وبالله عليكم هل يمكن أن أتطور، أم هذا مستحيل تماما مهما حصل؟ حتى أبي وأمي وإخوتي يسخرون مني، فأحيانا بالتصريح، وأحيانا بالتلميح، ونظرات السخرية أحيانا، أو نظرات الشفقة أحيانا، فماذا أفعل؟ هل أترك العالم كله وأنعزل تماما؟ لكن لا أعرف أين أذهب، فسوف أجد في كل مكان من يعرف حكايتي، وحتى إن لم يعرفوا حكايتي بالتفصيل لكنهم سيعرفون بأني عاجز جنسيا، المهم عندي أنهم يسخرون مني، ويقولوا أني لست رجلا، طالما عرفوا أني أصبت في جهازي التناسلي.
أنا أشعر بالنقص من داخلي، بالإضافة إلى أن الناس ينظرون لي نظرة سخرية، وأحيانا نظرة شفقة وعطف، سواء الرجال أو النساء، فهل أنتحر أم ماذا أفعل؟ وهل من حل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي مشكلتك واضحة جدا، وأنك أصبت بعقم مكتسب، بعد أن أصيب جهازك التناسلي، والذي فهمته من رسالتك أن هذا الوضع لا يمكن تغييره، إذا هو ابتلاء يجب قبوله؛ لأنه لا خيارات أمامك، والانتحار ليس خيارا أبدا بأي حال من الأحوال، فلا تلجأ لأي نوع من ابتزاز نفسك، نحن في العلوم النفسية والسلوكية من يقول: "أريد أن أنتحر" نعتبره إنسانا يبتز نفسه ويبتز الآخرين بذلك؛ لأن الذي يريد أن ينتحر أصلا لا يستشير أحدا.
فيا أيها الفاضل الكريم مثل هذه الأفكار السخيفة، أرجو أن تحرر نفسك منها، أرجو أن ترتقي بنفسك، هذا ابتلاء، وهو ابتلاء بسيط جدا مقارنة مع ابتلاءات أصيب بها أشخاص آخرون، أنا لا أقلل من شأنه لكن من يصبر على الابتلاء له الأجر العظيم، وقطعا فالله تعالى سوف يعوضك بما هو أفضل من ذلك.
إن كنت عاجزا عجزا جنسيا كاملا، فهنا لا تقدم على الزواج، ولكن إن كان لديك مشاعر جنسية، وإن كان جهازك التناسلي يمكن استشعاره ويحدث لك انتصاب، وشيء من هذا القبيل، فيمكن أن تتزوج بامرأة تعرف ظروفك، أعرف ممن يعانون من مثل مشكلتك، ممن لا يستطيعون الإنجاب، من كتب عليهم العقم وتزوج، وأعرف ذلك تماما، وهناك أخ أعرفه استشارني عن صديق له لديه مشكلة عقم، وتزوج من امرأة توفي عنها زوجها ولديها أطفال ويعيش الآن حياة سعيدة جدا مع هذه المرأة الصالحة وأطفالها، وهنالك حلول لمثل هذه الأمور مهما كانت قاسية.
فيا أيها الفاضل الكريم: أنت مطالب بأن تكيف وأن تهيئ نفسك على وضعك الحالي، الله تعالى أعطانا القدرة لأن نتغير، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، عملية التغير التي تحدث لنا بأنفسنا دائما تكون مرتبطة باحتياجاتنا وبالظروف التي نعيشها وإمكانياتنا، فأنت في هذا الوضع لك القدرة أن تتواءم وأن تتكيف معه، وتنطلق بحياتك لآفاق آخرى كثيرة وجميلة.
التطور الوظيفي أيها الفاضل الكريم أن تضع لك خططا مستقبلية حول مشروع معين، أن تنخرط في أي عمل تطوعي أو اجتماعي، هنالك سبل تعويضية معروفة جدا لمن أراد أن يعوض عن حالة النقص التي تعرض لها.
أما موضوع الذين يستخفون بك ويستهزئون بك فهؤلاء دعهم ولا تشغل نفسك بهم، هذا تصرف فيه شيء من السخف، وأنا أستغرب أنه يصدر من والديك، اجلس مع والديك جلسة اشرح فيها هذا الوضع، وأن هذا الأمر غير مقبول، وسوف يتغير منهجهما نحو مساندتك، أنا استغربت جدا موقفهم إذا كان ما ذكرته كذلك وفهمته بالصورة الصحيحة، لا أعرف كيف يسخر منك والدك ووالدتك وإخوتك، هذا أمر غير مقبول أبدا.
أخي، الحياة والسعادة ليست متوقفة على موضوع الجنس، فهناك من العلماء من لم يتزوج، وهناك غيره من عاش بعيدا عن هذا الموضوع، أو ابتلي بابتلاء فيما يتعلق بأعضائه وجسمه، لكن تجد هؤلاء منجزين مثابرين مجتهدين متفائلين، وهذا ما نريده منك، أن تبعد عنك فكرة الانتحار؛ لأنها انتقال إلى ما هو أسوأ، ولعلك تعرف عاقبة المنتحرين، الله لا يريد منا قتل أنفسنا، بل توعد الله بعذاب من فعل ذلك، نريد منك أن تسعى لأن تكون إنسانا فعالا في الحياة، شارك في الجهات الطوعية، اقرأ وثقف نفسك، تعلم وأفد غيرك، ساعد المحتاج والمعدم، افعل أشياء إيجابية، وهي كثيرة في الحياة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.