السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عمري 23 سنة، تخرجت من الجامعة، وتوظفت براتب جيد نوعا ما كبداية، وأول شيء أفكر فيه بعد توظيفي هو الزواج، فأنا أريد أن أجمع المال؛ كي أتزوج بعد سنتين على الأكثر، ولكن عندي إشكالية، وهي أن أهلي بحاجة إلى مساعدتي، وأنا -بإذن الله- لن أقصر معهم؛ فهم من تعبوا لوصولي إلى هذه الدرجة.
كيف أوازن بين مساعدة أهلي وادخاري للزواج؟ وهل تفكيري بالزواج فور حصولي على الوظيفة والدخل فيه أنانية مني تجاه أهلي؟
أنا كباقي الشباب أشعر بحاجتي الملحة للزواج؛ كي لا أقع في المنكرات، فأنا نفسي ضعيفة نوعا ما، رغم أنني أجاهد نفسي على عدم الوقوع في المعصية، وقد وقعت في منكر؛ بسبب الشهوة، وتبت إلى الله وندمت، ولا أريد أن تضعف نفسي مرة أخرى وأقع في نفس المنكر.
أرجو تقديم النصح لي، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما سألت عنه -أخي الفاضل-، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: شكر الله لك تدينك، وحرصك على سؤال أهل العلم حين اختلط عليك الأمر، كما نحمد الله إليك أن رزقك العقل الراجح والتدين الواضح، وهذا بشير خير لك -إن شاء الله-.
ثانيا: التفكير في الزواج حتى لا تقع في الحرام أمر حث عليه الشرع، وهو من حقك، وهذا أمر طبيعي، والتفكير فيه ليس مستغربا.
ثالثا: النفقة على الأهل ليست منة منك عليهم، بل هو واجب شرعي، تأثم عند عدم القيام به مع القدرة، أما مع العجز فلا حرج عليك.
رابعا: ثق -أخي الحبيب- أن الله سيعينك ويقويك، فالعبرة -يا أخي- ليست بالحساب بل بالبركة، فهناك من الناس من يحرص على جمع المال ويحرم نفسه، ثم يبتلى بمرض فينفق كل ما معه، ويستدين أموالا طائلة، وهو يرجو -بعد كل هذا- العافية في البدن، فاحمد الله -أخي الحبيب- على العافية، واعلم أن برك بأهلك وصلتك بهم سيدفع الله به عنك من البلاء ما الله به عليم، وسيبارك الله لك في مالك وأهلك وعمرك؛ فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه)، والبسط في الرزق: كثرته ونماؤه وسعته وبركته وزيادته زيادة حقيقية، وقد اختلفت عبارات العلماء في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ينسأ له في أثره)، فقيل: المعنى: حصول القوة في الجسد، وقيل: بالبركة في عمره، والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، وقيل: معناه: بقاء ذكره الجميل بعد الموت، وقيل: يكتب عمره مقيدا بشرط، كأن يقال: إن وصل رحمه فله كذا وإلا فكذا، فتكون الزيادة في العمر زيادة حقيقية، وهذا كله من بركة بر الأهل.
خامسا: نريد منك -أخي الحبيب- أن تنفق على أهلك بالمعروف، وأن تعطيهم ما احتاجوا إليه من غير ترف أو إسراف، وما تبقى اجمعه، وستدرك أن الله سيبارك لك في هذا المال كثيرا، والبشارة -أخي- ليست منا، بل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو القائل: (ثلاثة حق على الله أن يعينهم: المكاتب الذي يريد الأداء، والمجاهد في سبيل الله، والناكح يريد أن يستعف).
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يرزقك بر أهلك، ويوفقك بزوجة صالحة تقر بها عينك، والله الموفق.