السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
تزوجت منذ فترة من فتاة لم أتمكن من رؤيتها من قبل جيدا، وهذا هو الحال في بعض قبائل الصعيد.
فوجئت بها ليلة الدخلة، فهي تحبني جدا وتفعل كل ما يرضيني, لكن لم تحظ بأي شيء من جمال المرأة الطبيعي، الأمر الذي يجعلني لا أستطيع النظر إليها، حتى أستطيع معاشرتها, بالإضافة إلى أنها لا تصلي بانتظام.
هل إذا طلقتها أو تزوجت عليها أكون قد ظلمتها؟ خصوصا وهي تحبني كل هذا الحب.
الرجاء الإفادة، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع.
بخصوص ما ورد برسالتك –أخي الكريم الفاضل– فإن الله تبارك وتعالى عندما أوصانا بالنظر للنساء لأجل خطبتها على لسان النبي –صلى الله عليه وسلم– حتى لا نقع في مثل هذا الخطأ الذي وقعت فيه، ولذلك كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم– يقول لأصحابه: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) بل إنه كان أحيانا ينكر على الصحابة الذين لم ينظروا، يقول: (هلا نظرت إليها) لماذا؟ لأن هذه النظرة فائدتها عدم الوقوع فيما وقعت أنت فيه الآن.
عموما قدر الله وما شاء فعل، وبالنسبة لقضية الزواج عليها أو الطلاق فهذا حقك الشرعي، وهذا الحق كفله الله تبارك وتعالى للرجل بصرف النظر عن الوضع الذي عليه المرأة، فقد تكون المرأة في قمة الجمال وقمة الطاعة، ولا يعيبها شيء، ولكن الرجل تتوق نفسه إلى أن يتزوج عليها، فالشرع لم يمنعه من ذلك، فما بالك وهي لا تتمتع بأي مسحة جمال مما يجعلك لا تستطيع النظر إليها، أو حتى إتيانها حقها الشرعي، فهذا من باب أولى.
لذلك أقول لك أخي الكريم: فعلا تطليقها يكون فيه من المشقة ما فيه، وكسر لخاطرها، خاصة وأنها ما زالت حديثة عهد بك، ولكن اعرض عليها الأمر، وخيرها بين أن تبقى تحتك على أن تتزوج عليها، وبين لها أن هذا شرع الله تبارك وتعالى، وتلك سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} وأنك لا تريد أن تخسرها، أو لا تريد أن تخسرك، فتريد أن تستبقيها مع أخت لها، حتى تستطيع أن تعطيها حقها الشرعي، لعل الأخت الجديدة تأتي تكون بركة عليها قبل أن تكون بركة عليك.
إني أعلم حالات كثيرة تزوج الرجل امرأة ثانية على زوجته الأولى، فاستفادت المرأة الأولى فائدة عظيمة لم تكن تتوقعها، بل إني سمعت من بعض الإخوة الرجال يقول: إن الأولى قالت له: (يا ليتك تزوجت مبكرا) لأن أحواله قد تحسنت جدا في كل الأمور.
لذا أقول بارك الله فيك: أنا أرى أن تعرض الأمر عليها، وأن تبين لها، ولكن مما لا شك فيه أنها عندما تسمع هذا الأمر ستصدم، وقد تفكر في الطلاق على التعدد، وهذا حال غالب أبناء مصر -مع الأسف الشديد- وبناتهم، ولكن على كل حال أرجو أن تتلطف معها، وأن تبين لها أن هذا شرع الله، وأن تمهد لها الأمر حتى تقبله، وبين لها فوائد هذا الأمر، والسنة في هذا، وأنك لن تظلمها في شيء، وستأخذ حقها كاملا غير منقوص، وأنك ستكون ليلة عندها وليلة عند أختها بما يرضي الله تعالى، لأن هذا هو العدل الشرعي الذي أمر به الله.
حاول معها، فإن قبلت أن تتزوج عليها فأمسكها، وأعنها على طاعة الله تعالى، لعل الله يضع محبتها في قلبك؛ لأن الحب حقيقة لا علاقة له بالجمال، وإنما الحب قد يكسر هذه الحواجز كلها، ولكنه قد لا يأتي في الأيام الأولى وإنما مع طول العشرة وحسن المعاملة يأتي، وتكون هي أفضل من غيرها، فاعرض عليها الأمر بهدوء، فإن قبلت فبها ونعمت، وإن لم تقبلها فسرحها، لأن نصيبها بذلك قد انتهى عند هذا الوقت، وأنت كذلك، واستعن بالله عز وجل ولا تعجز، قد تواجه معارضة ممن هم حولك من الناس الذين ألفوا الوضع السيئ الصعب، رغم أن الخير كله في الشرع وفي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن يعوضك خيرا، كما أسأله تعالى أن يشرح صدرها لقبول التعدد حتى تكون تحتك بدلا من أن تضيع ولا يتزوجها أحد فتعيش حياة كئيبة محزنة.
أسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقنا وإياك لطاعته ورضاه، وأن يرزقك زوجة صالحة، وأن يصلح ما بينك وبينها، وأن يصلحها لك.
وبالله التوفيق.