السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه في خدمة الإسلام والمسلمين، وجعله الله سبحانه وتعالى في ميزان حسناتكم.
أود أخذ مشورتكم في أمر، وأرجو أن يتسع صدركم لي، أنا -الحمد لله رب العالمين- شاب أرجو أن يرزقني الله زوجة وذرية صالحة أصنع بها ما حرمت منه بأن يكونوا دعاة ربانيين، وبدأت في البحث عن هذه الزوجة.
وكنت أود أن تكون منتقبة، ولكن للأسف والدتي -وإن كانت نفسها منتقبة- لا تود ذلك نظرا لظروف مرة بها رأت فيها إساءات عديدة من أخوات منتقبات، فصارت لا تثق بهن، وللأسف أكثرية البنات لبسهم مخالف تماما للحجاب لشرعي، فلا أدري أأتنازل أم أتمسك برغبتي في فتاة منتقبة، أم يكفي أن تكون ملتزمة بمعظم شروط الحجاب؟
ثانيا: رشح لي أحد الأصدقاء فتاة في نفس مؤهلي حافظة للقرآن، وتقوم بتحفيظ زميلاتها وتسعى للحصول على إجازة للقراءات العشر، غير منتقبة، بل ربما غير ملتزمة بشروط الحجاب، وهذا ما يحيرني؛ فقمت بصلاة الاستخارة، وشعرت بضيق شديد، ورغبة ملحة ألا أتقدم لها على العكس من فتيات قبلها كنت أشعر بعد الصلاة براحة ورغبة وتوفيق، لكن أهلي كانوا يرفضوهن.
هل الضيق الذي أشعر به ونفوري الشديد من تلك الفتاة هو إشارة من الله تعالى أن أبعد عنها، أم أسير في طريقي من السؤال عنها والتقدم لها إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا؟
آسف للإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال، وأن يرزقك صالحة تنجب لك المصلحات والدعاة الأبطال فتوكل عل الكريم المتعال.
لا يخفى على أمثالك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فاظفر بذات الدين)، واعلم بأن الدين يصلح الخلل كما قال الحكيم:
وكل عيب فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران.
ونتمنى ألا تعمم الوالدة حكمها على المحجبات والمنقبات، فالأصل فيهن الاستجابة لله بخلاف المتبرجات المقصرات.
وننصحك بمواصلة البحث وعدم المجاملة؛ لأن رحلة الحياة طويلة، وأرجو أن تستأنس وتستفيد من رأى الوالدة والأخوات والأصدقاء، ولكن القرار النهائي ينبغي أن يكون منك وحدك بعد حصول الارتياح والقبول والانشراح؛ وذلك لأن (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) مع ضرورة أن يكون الميل مشتركا.
ونحن إذ نحيي فيك النية العظيمة ندعوك إلى أن تصدق فيها مع الله، والمرء يعطى على قدر نيته، ونحب أن نذكرك بأن النية الصادقة تحتاج إلى عمل صادق، وصبر، واحتساب.
وفي كل الأحوال نتمنى أن تجتهد في إرضاء الوالدة؛ لأن رضاها باب للتوفيق، والسعيد هو من يفوز بصاحبة دين ترتضيها الوالدة حتى يتمكن من التوفيق بين حقوق الوالدة، وحق الزوجة، كما نتمنى أن تتفق مع زوجتك على إكرام الكبار من الطرفين.
وأعجبنا أنك تستشير وتستخير، ولن يندم من يستخير ويستشير، ويرضى بما يقدره الرب القدير.
نسعد بتواصلك ونحرضك على حسن الاختيار، ونسأل الله أن يسعدك، وأن يحشرنا وذرارينا مع الأخيار، في صحبة رسولنا المختار، في فردوس ربنا الذي من تحته تفجر الأنهار.