السؤال
السلام عليكم
أنا طالبة في المرحلة المتوسطة، درجاتي دائما عالية، لكن مؤخرا أصبحت خائفة من نزول مستواي بسبب سرحاني وشرود ذهني، حدث هذا منذ السنة الماضية ولكن ليس كثيرا، أما في هذه السنة فقد لاحظ من حولي هذا أيضا، فمثلا: إذا أردت فهم مثال على فقرة في الدرس أثناء الحصة؛ أبدأ في السرحان لا شعوريا، وأنتبه في نهاية الشرح، ثم أستمع لشرح مثال آخر، وأبدأ في السرحان مرة أخرى وهكذا. والشيء نفسه يحدث عندما أتحدث مع أصدقائي أو عائلتي. فهل هذا بسبب أني في هذا العمر، أم بسبب انشغال ذاكرتي ومعظم وقتي، أم لأسباب أخرى؟ وكيف أتخلص من السرحان؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا أريدك أن تشغلي نفسك كثيرا بموضوع السرحان وعدم التركيز هذا الذي تشتكين منه؛ لأنه قد يكون تطورا طبيعيا في هذه المرحلة العمرية، لكن قطعا يجب أن يعالج أيضا؛ حتى لا يستفحل ويزيد ويعطل مسارك التعليمي.
وطرق العلاج ليست دوائية، طرق بسيطة جدا ومهمة في ذات الوقت:
أولا: أنا أريدك أن تنظري للحياة بكلياتها، ليس فقط موضوع التركيز في الدراسة، يجب أن تكوني مرتاحة نفسيا، منشرحة على النطاق الاجتماعي، لديك آمال، لديك طموحات، لديك الثقة بنفسك، هذا كله يجب أن تنظري إليه، والوقت -الحمد لله- موقوت، الزمن جيد، فقط تنظمين وقتك، وهذه هي المشكلة الأساسية.
كثير من الذين في عمرك تأتيهم المشاكل الأكاديمية، والتأخر الدراسي، وافتقاد الرغبة؛ لأنهم لا ينظمون أوقاتهم بصورة جيدة، أو يضيعون أوقاتهم في أشياء غير مهمة، وبعد ذلك تتراكم عليهم الواجبات الدراسية، ويكتشفون درجة التأخر التي حدثت لهم، ومن ثم يزداد قلقهم ويكثر سرحانهم وضعف تركيزهم.
أريدك من اليوم أن تضعي جدولا يوميا يكون مكتوبا، الساعة كذا سوف أفعل كذا، وأهم شيء بالنسبة لك يجب أن يكون النوم الليلي مبكرا، هذا هو سر النجاح، حين تنامين مبكرا في أثناء النوم تتم عمليات كيميائية كبيرة جدا على مستوى الدماغ لديك، يحدث استقرار تام في الخلايا، يحدث نوع من الترميم والتنشيط لها، وبعد ذلك -إن شاء الله تعالى- تستيقظين مبكرا، تصلين صلاة الفجر، ومن ثم تجلسين وتدرسين لمدة ساعة، هذه الساعة تعادل ثلاث ساعات في بقية اليوم، وإن شاء الله تتناولين الشاي وترتدين ملابسك، وتذهبين إلى مدرستك وأنت في غاية الانشراح.
هذا هو الأمر المهم جدا، والذي أنا دائما أنصح به وهو مجرب، حتى حين كنا في مثل مرحلتك –أيتها الفاضلة الكريمة– ما أفادنا إلا هذا المنهج: النوم المبكر، الاستيقاظ المبكر، والاستفادة من فترة الصباح؛ لأنها أفضل وقت في اليوم، لذا حسب ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه: (بورك لأمتي في بكورها).
احرصي على ذلك -أيتها الفاضلة الكريمة– وبعد ذلك اجلسي في الصف الأول في قاعة الدراسة، وقولي لنفسك: (أنا سأكون منتبهة جدا مع معلمتي) أرسلي هذه الرسائل الإيجابية لنفسك، وبالفعل سوف تجدين أن تركيزك قد تحسن جدا، وهكذا.
ثم ترجعين إلى المنزل بعد يومك الدراسي، تأخذين قسطا من الراحة، تجلسين مع أسرتك، تجلسين لمشاهدة برنامج في التلفزيون، تجلسين للكمبيوتر، خصصي له وقتا، ثم بعد ذلك ادرسي ساعة إلى ساعتين في بقية اليوم، مارسي شيئا من التمارين الرياضية، تواصلي مع صديقاتك، أدي الصلاة في وقتها، كوني بارة بوالديك... هذه أشياء عظيمة ومهمة جدا، وهي لعلاج حالتك، ليس هنالك أي علاج دوائي، وأنا متأكد جدا أنك بالمثابرة والتوكل، واستشعار أهمية التعليم؛ سوف تنجزين -إن شاء الله تعالى- إنجازا أكاديميا ودراسة ممتازة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.