السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 31 سنة، متزوجة منذ خمس سنوات، رزقت بطفلين (طفل بعد 3 سنوات من زواجي)، وبعد ولادة طفلتي بعشرة أيام توفي زوجي متأثرا بشظايا صاروخ ضربت منزلنا مما أصابنا جميعا بجروح، وهو قد توفي في نفس الوقت، هل يعتبر من الشهداء؟ وكيف أصبر نفسي؟ علما بأنه متوفى منذ 3 أشهر فقط، وأني ما زلت في العدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - أختنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يرحم زوجك، وأن يلهمك وذويك وأهله الصبر والسلوان، عظم الله أجركم، ورحم الله ميتكم.
خير ما يعينك على الصبر والتصبر – أيتها الكريمة – أن تتذكري على الدوام الثواب الذي أعده الله سبحانه وتعالى لأهل المصائب، وما رتبه لهم من الأجور على صبرهم على ما يبتليهم به، ومن جملة الابتلاءات فقد الأحباب، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
فتفكري على الدوام في هذه الجوائز الربانية العظيمة، التي أخبر الله تعالى بجعلها جزاء للصابرين، أولها البشارة، والبشارة يعني الخبر السار الذي يدخل على الإنسان السرور حتى يظهر ذلك على بشرته، فالمصيبة تحمل في طياتها أنواعا كثيرة من النعم التي يجهلها الإنسان، فأبشري بحسن ثواب الله تعالى لك ولزوجك إذا صبرت واحتسبت، وقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
فالمؤمن يتقلب في الخير في حال السراء وفي حال الضراء، في حال السراء بالشكر، وفي حال الضراء بالرضا والصبر.
والقدر – أيتها الكريمة – نافذ لا محالة، وقد كتبه الله تعالى قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والآجال مقدرة محدودة، والأعمار مكتوبة، والأرزاق مقسومة، ولا يمكن للإنسان أن يفر من قدر الله تعالى، فهو جار علينا لا محالة، ولكن الله تعالى يختبر صبرنا ومواقفنا إزاء ما ينزل بنا من مصائب، وإلا فإن كل شيء بقضاء وقدر، ولا يمكن للإنسان أن يفر من الموت.
فإذا تذكرت هذه الأمور فإنها تعينك على الصبر، وتذكري المصيبة العظمى، وهي موت الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وقد أمرنا بأن نعزي أنفسنا عن المصائب الصغرى بمصيبتنا بفقده -صلى الله عليه وسلم- وموته.
واعلمي – أيتها الكريمة – بأن الله تعالى بمنه وكرمه يخلف على الإنسان فيما أصابه بسبب صبره، فتصبر الإنسان ورضاه بقدر الله تعالى يكون سببا للعواقب الحميدة في الدنيا والآخرة، والجزع والتسخط لا يأتي بخير، وقدر الله نافذ على كل احتمال.
وتيقني كذلك بأن الله سبحانه وتعالى سيتولى أمورك وأمور صغارك، وأنه لن يضيع أحد الله سبحانه وتعالى كافله، فأحسني ظنك بالله، وثقي به سبحانه وتعالى، وأكثري من التقرب إليه، فإنه نعم المولى سبحانه وتعالى.
ومما نوصيك به وننصحك هنا ما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة، فقد روى الإمام مسلم - رحمه الله تعالى – في صحيحه عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها) قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: أرسل إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له... إلى آخر القصة.
فهذه امرأة قالت ما أمر الله تعالى به، فعوضها الله تعالى خيرا من زوجها السابق.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن ينزل عليك الصبر، وأن يكتب لك الأجر، وأن يتولى أمرك وأمر صغارك، إنه جواد كريم.