السؤال
السلام عليكم.
شكرا لكم لوجود هذه المساحة في الموقع لتقديم الحلول والنصائح، وأرجو منكم مساعدتي في مشكلتي، فأنا وجميع أفراد الأسرة نعاني كثيرا ولا ندري ما هو الحل.
نحن أسرة مكونة من 4 بنات وولدين، والحمد لله فنحن أسرة متدينة ومحافظة، ولكن الولد الصغير (آخر العنقود) منذ أن أصبح عمره 12 سنة أصبحت لديه تصرفات غريبة يريد أن يقلد الكبار في كل شيء، أراد أن يكون معه جوال ولكن أبي رفض ذلك ولكن اشتراه من مصروفه وما يجمعه من المال في العيد، ومن ثم يريد دائما أن يركب السيارة ويقودها، مع العلم أننا لا نبخل عليه بشيء أبدا ولكن دائما تفكيره يسبق سنه، وأراد أيضا أن يشتري الدراجة النارية التي يركبها الأطفال ولكن رفضنا لأنها خطيرة جدا وسببت حوادث أليمة لأغلب الأطفال، وصمم هو على شرائها ولا ندري من أين جلب المال واشتراها، وبعد هذا كله، تفاجأنا بأن أبي لاحظ أن رصيده في البنك صفر، وذهب إلى البنك ليستفسر ووجد أن هناك من قام بسحب المال عن طريق الصراف الآلي، ولكن لا أحد منا يجرؤ على فعل ذلك، وعندما وجهنا سؤالنا إلى أخي الصغير اعترف بعد أن ضرب وتم صرفها على حفلات الأعياد وعلى أشياء تافهة، وكان المبلغ أكثر من 1000 دولار كان أبي كتب الرقم السري على البطاقة، ولم يخطر ببالنا أن يقوم بهذا الفعل؛ لأننا منذ الصغر أنا وجميع أخوتي تعودنا ألا نأخذ أي شيء لا يخصنا، وكنا نرضى بما يعطيه لنا أهلنا عوضا عن ذلك أننا نعتبره حراما، وهذه ليست المرة الأولى التي يأخذ فيها مالا من أبي وأمي من غير علمهما بل المرة المائة، ولكن أن تصل إلى هذا الحد والخبث !!! هذا ما سبب لنا صدمة كبيرة، أصحابه عرفوا بما قام به ولكن لا أحد منهم نصحه أو نهاه، لذلك طلبنا منه أن يقطع علاقته مع أصحابه ومنعناه من الخروج والتلفزيون، لكن الغريب أنه غير متأثر بما فعله وهو يصلي مع أبي في المسجد ثم يعود لهذه الأفعال، أريد أن أعرف كيف نتعامل مع أخي؟ هل هو مريض ويحتاج إلى طبيب نفسي، أم ماذا؟ أرجوكم مساعدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يهدي أخاك وأن يبصره بالحق، وأن يعافيه من هذا التصرف المقيت، وأن يعينكم على مساعدته لتجاوز تلك المحنة.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فمما لا شك فيه أن تصرفات هذا الطفل مزعجة للغاية، خاصة وأن الأسرة متدينة ومحافظة، وما حدث يتنافى مع قيمها ومبادئها، ورغم ذلك أقول أن هذا الأمر قد يحدث مع وجود هذا البيئة الطيبة، فهو وإن كان مستغربا لديكم إلا أنه في الواقع يحدث كثيرا وإن كانت النسبة ليست عالية، ولابد لنا لمعالجة هذا التصرف ومساعدة هذا الطفل الصغير من مراعاة ومعرفة ما يلي:
1- لا بد من دراسة الدوافع التي دفعت الطفل إلى السرقة، وهل هي عابرة أم متكررة؟ وهل هو يقلد الآخرين عندما يسرق؟ وهل السرقة تؤدي وظيفة نفسية في حياته كتغطية فقدانه الحب أو الحنان والرعاية، أم أن لها وظيفة اجتماعية كالتباهي والتفاخر أو إثبات الذات والزهو؟ فإذا ما وضعنا أيدينا على موطن الداء الحقيقي أمكننا وضع العلاج الناجح والمفيد.
2- يجب أن نحذر من اتهامه بالسرقة، وألا نطلق عليه ألقاب أو صفات من شأنها أن تقضي على سلامة صحته النفسية، كأن نقول له مثلا: يا لص، أو يا سارق يا حرامي.
3- عدم معايرة الطفل أمام الآخرين في حالة السرقة؛ حتى لا يشعر بالمهانة والنقص، علما بأن الطفل لو أحس بمشاعر المحبة والعطف والحنان فإنه لن يلجأ إلى السرقة .
4- خلق شعور الملكية لدى الطفل؛ بأن يخصص للطفل مقتنياته الخاصة، وإعطائه مصروفات يومية تتناسب مع عمره ووسطه الاجتماعي الذي يعيش فيه.
5- احترام ملكية الطفل الخاصة شيء ضروري ومهم، ومن هذا المنطلق لابد أن نعلمه كيف يحترم ملكية الآخرين.
6- مداومة التوجيه والإرشاد وغرس القيم الدينية والأخلاقية في وجدانه، مع تقديم النموذج والقدوة الطيبة أمامه، فلا ننه عن شيء ونأتي مثله فهذا مدمر وقاتل.
7- الدوافع إلى السرقة كثيرة ومتنوعة أذكر بعضا منها لمعرفة سبب انحراف ولدكم :
- الجهل بمعنى الملكية.
- الحرمان والحاجة لسد الرمق.
- الغيرة والانتقام .
- الرغبة في الامتلاك.
- التخلص من المآزق.
- الخوف من العقاب.
- التفاخر والمباهاة .
- التقليد والمحاكاة.
- أصدقاء السوء .
- شغل الفراغ وإشباع الميول.
- البيئة الإجرامية.
- الضعف العقلي وانخفاض معدل الذكاء.
فبدراسة هذه الدوافع وتحليلها بهدوء وعرض تصرفات الطفل عليها يمكننا معرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذا التصرف، وبالتالي يمكننا مساعدته في التخلص منها، مع ضرورة مراعاة ما سبق من ضوابط وضرورة الأخذ بها.
ولا مانع من عرضه على أخصائي نفساني لمعرفة الدوافع ووضع الحلول المناسبة لها، وهذا متوقف على إمكانية الأسرة على مساعدة الطفل وتفهم ظروفه ودوافع انحرافه ومعالجتها بصورة هادفة؛ لأنه يبدو أن طفلكم على قدر كبير من الذكاء ويعاني من فراغ أراد أن يملأه فلم يجد إلا هذه العادة القبيحة.
وكم أود المعالجة بهدوء وعدم إشعاره بالكراهية أو تحقيره؛ لأنه مريض يحتاج إلى مساعدتكم فعلا لا إلى النبذ والسب والإهانة.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق في معالجة الأمر ولطفلكم بالعافية والسلامة.
وبالله التوفيق.