السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شاب عمره 26سنة خطب فتاة عمرها 19 سنة، وكتب عقده عليها منذ 5 شهور تقريبا، ومن ذلك الوقت يحادثها هاتفيا ولم يزرها إلا مرتين أو ثلاث فقط (تبعا للتقاليد) والحمد لله ليس بينهم أي خلاف ظاهر، لكن المشكلة الوحيدة التي أصبحت تضايق الشاب هي أن البنت خجولة ولا تعبر عن مشاعرها، وإذا طلب منها ذلك تقول له ( أستحي ) بالرغم من أنها تتحدث كثيرا في شتى المجالات الأخرى، مع العلم بأنها بمفردها فلا يوجد معها أحد حتى نقول أنها قد تخجل في وجوده.
الآن الشاب بدأ يمل من الحديث معها، ويود ولو مرة واحدة أن تعبر له عن حبها، وطوال هذه الأشهر لم يجد معها شيء، فقد حاول بعدة طرق .
ملاحظة: الشاب رومانسي، والظاهر أن البنت لا تحب الرومانسية كثيرا، وزواجهما بعد 3 أشهر.
ما هو الحل ؟ وكيف له أن يجعلها تعيش معه في جوه الذي يريده؟
أرجو الرد سريعا، وجزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ج.ب حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله العظيم أن يبارك لهما، وأن يبارك عليهما، وأن يجمع بينهما في خير، وأن يرزقنا وإياكم صلاح النية والذرية، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماما وبعد:
فإن (الحياء لا يأتي إلا بخير)، وهذا التصرف من هذه الفتاة دليل خير وعفة، وسوف تتغير هذه الصورة عندما تدخل بيت الزوجية فتشعر بالأمن والصدق والطمأنينة، والهاتف غير مأمون، والفتاة لا تظهر على حقيقتها إلا في بيتها المنفصل الذي تشعر فيه بحريتها، وحتى تجد من زوجها صدق العاطفة وحسن الملاطفة وطيب العشرة. قال تعالى: ((وجعل بينكم مودة ورحمة))[الروم:21].
ولا شك أن زوج المرأة هو صاحب أسرارها وهي كذلك، قال تعالى: ((هن لباس لكم وأنتم لباس لهن))[البقرة:187].
واللباس يستر العورات ويجلب الدفء ويقي من الحر، وكذلك كل من الزوجين للآخر.
وهناك فرق بين حديثها في المجالات الأخرى وبين حديثها عن عواطفها، فالعفيفات لا يحسن بيع العواطف والمجاملات؛ لأنهن بيض مكنون ودرر مصونة، ومشاعر الود الحقيقية تظهر بعد اللقاء، ومن هنا يبدأ الحب الإسلامي الذي يصمد أمام صعوبات وأزمات الحياة، فليس عمره شهرا واحدا كما أخذنا هذا عن أعدائنا، وعرف عندنا ما يسمى بشهر العسل، وكأن الحياة الزوجية هي ذلك الشهر وبعده يكون البرود في العواطف وهبوب العواصف.
والحب الإسلامي حشمة ووقار وسر من الأسرار يمتد في الحياة، وبعد الممات يصبح وفاء للأموات، وفي الآخرة بإذن الله يلحق الصالحون ذرياتهم: ((ألحقنا بهم ذريتهم))[الطور:21].
وإذا لم تكن هناك مشاكل ولله الحمد، فأرجو عدم الاستعجال، وسوف يأتيك ما يسرك بإذن الله.
ومع تحفظي على مصطلح الرومانسية، إلا أن المرأة تأخذ عن زوجها هذه العواطف، وسوف تظهر مشاعر مضاعفة؛ لأن المرأة هي مصدر الحنان والعطف، وزوج المرأة بمكان لا يعدله أحد، وكونها تخجل فليس ذلك دليل على عدم الحب، ولكنه دليل على حسن الأدب وبشارة بأن العواطف سوف تأتي صادقة ومقصورة على زوجها فقط، ومن صفات المدح في المرأة أن يكون حبها وعاطفتها وميلها إلى زوجها فقط.
والحب إذا صادف قلبا خاليا يتمكن منه، ولكن العواطف المبتذلة في وسائل الإعلام والشواطئ ما هي إلا سفه وشر ونفاق، وقد يجد الإنسان امرأة (رومانسية) ولكن الخوف هو أن تكون تلك الرومانسية مشاعة للغاوين والرائحين والعياذ بالله.
والزوجة تلميذة مطيعة لزوجها إذا أحسن العشرة، وسوف تشعر الزوجة في البداية بالخجل؛ لكنها سوف تعتاد على إظهار المشاعر الطيبة لزوجها.
فعليك يا ابني الانتظار، واعلم أن أغلى ما تملكه المرأة هو هذا الحياء، وسوف تعرف بعد الزواج قيمة هذا الكنز، وقد تعثرت بنت سعيد بن المسيب رضي الله عنها حين أدخلت على زوجها من شدة الحياء، وليت هذه التقاليد تعود إلى ديار المسلمين لينعموا بالعفة والطهر وتصبح الحياة الزوجية طويلة المدى، وعند ذلك سوف تختفي الصور المخيفة لحالات الطلاق، مع أن الزواج بني على (الرومانسية) والعواطف الكاذبة قبل الزواج، وأظهر طرق للآخر ما ليس عنده ولا في قلبه، و(المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور).
وبالله التوفيق.