السؤال
السلام عليكم..
أريد منكم أن تساعدونني في حل مشكلتي التي لولا فضل الله ورحمته لهلكت بسببها.
لقد نشأت في أسرة محافظة والحمد لله، ومرت مرحلة مراهقتي -بفضل الله- بسلام، حيث لم أرتكب كبيرة من الكبائر، ولم تكن لي أي علاقة بأي فتاة كما يفعل معظم الشباب هداهم الله، ولكنني كنت كالقابض على الجمر لأنني كنت سريع الافتتان بالنساء، خاصة أن كل ظروف الفتن وارتكاب الفواحش كالزنى متوفرة، فالمعاناة والصراعات النفسية بين الخير والشر كانت على أشدها، فلم يكن لي ملجأ آنذاك إلا الله عز وجل، ولم أكن أفكر سوى في الزواج، إلى أن يسر الله لي زوجة مؤمنة طيبة والحمد لله، فرزقني الله منها ولد وبنت.
الآن عمري 30 سنة، وحياتي مع زوجتي سعيدة جدا والحمد لله، ولكن المشكلة بعد الزواج ازددت تأثرا بفتن النساء أكثر مما كنت عليه، حتى أصبحت أعاكس البنات في بعض الأحيان، وتدفعني نفسي لفعل علاقات غير شرعية والعياذ بالله، وأفعل أشياء وكأنني أعود إلى سن المراهقة، ولكنني في قرارة نفسي لا أحب وأكره ما أفعل، أخاف من الله، ولا أحب أن أخسر عائلتي، أندم وأبكي وأتوب ثم يغلبني الشيطان ونفسي الضعيفة الأمارة بالسوء، فأعود كما كنت لأنني سريع الفتن، يا ألله، فتن النساء موجودة في كل مكان، إنها حقا معاناة، وأنا الذي كنت أحلم أن أكون ذلك الأب القدوة لأولاده وزوجته.
فهل هذه مراهقة متأخرة، أم معاناة عابرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا، ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأله -جل وعلا- أن يربط على قلبك، وأن يثبتك على الحق، وأن يقيك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن!
وبخصوص ما ورد برسالتك، فأحب أن أبشرك –بداية- بأن هذه التصرفات إنما هي مرحلة عابرة، وسوف تمر سراعا بخير إن شاء الله؛ لأن الأصل الطيب، والمعدن النقي، مهما لطخته الأوحال، وعاش في حمئة الطين، فلابد أن يأتيه يوم ليظهر بريقه ولمعانه، والذهب لو ظل في الطين عشرات السنين، فإنه لا يتغير، وبمجرد تنظيفه يبرق ويلمع؛ لأنه معدن نقي، وأنت -أخي عبد الله- مرت بك فترة المراهقة، والتي –أساسا- هي مرحلة الفوضى، والثورة، والفورة الجنسية العارمة، والرغبة الشديدة في الارتباط بأي طرف آخر، ومحاولة تفريغ هذه الشحنة الجبارة من البركان الهائج، كل ذلك مر عليك بأمان وسلام.
وأعتقد أنه قد صدق فيك حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (عجب ربك من شاب ليست له صبوة)، وحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله)، وعد منهم: (شاب نشأ في طاعة الله تعالى...)، فهنيئا لك مرور هذه المرحلة الحرجة عليك، وأنت بسلامة في دينك وبدنك، ومثلك لم ولن يضيعه الله -إن شاء الله-، إلا أنه مما يدعو إلى العجب أن تشتد عندك هذه الرغبة هذه الأيام، مع أنك الآن أوفر عقلا، ولست في حاجة إلى امرأة تفضي إليها بما في نفسك؛ فلقد حباك الله بزوجة طيبة مؤمنة، وهي في هذا الزمن عملة نادرة، فأرى ضرورة أن تراجع نفسك، وأن ترجع إلى عقلك ورشدك.
وأن تعلم أن هذه التصرفات إنما هي من كيد الشيطان لك، وحرصه على تدميرك، وهدم أسرتك، وتحويلك إلى عبد عاص ساقط من عين الله، لا يقيم الله له وزنا، ولا قيمة له عنده، واعلم -أخي عبد الله- أنك وحدك القادر على حل هذا اللغز؛ لأنك عشت أشد منه وانتصرت! فمن العار عليك، ومن غير اللائق بك، أن تمارس هذه المحرمات، وأنت لست في حاجة إليها، وأصبحت لديك أسرة، وترغب في أن تكون قدوة لأسرتك!.
أفق –أخي- من غفلتك، وانتبه لنفسك، والحل في يدك أنت وحدك، خذ قرارا قويا وجريئا، واستح من الله، واحذر غضبه، وعقابه، وشديد بطشه، واعلم أن الله حليم لا يعجل، وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه،لم يفلته، واعلم أن النفس أمارة بالسوء، ومهما حاولت إشباعها من الحرام، فلم ولن تشبع أبدا، وعدوك اللدود الشيطان استغل هذه الفرصة، وحاول هدمك، وتدميرك بكل قواه، فأر الله من نفسك خيرا -يا رجل-، وانفض عنك غبار الضعف والاستكانة، وقف عالي الرأس، شامخا كالجبل، وعد إلى الله، وتب إليه، وابك بين يديه، وسله أن يعينك، وأن يقويك على مقاومة تلك الإغراءات المدمرة، وأن يحفظ عليك دينك وصحتك وأسرتك، وتأكد أنك لو صدقت مع الله، لصدق الله معك، وجاءك نصره عاجلا غير آجل.
أنت صاحب القرار، فاتخذه فورا، وقل وبأعلى صوتك: "لقد طلقت جميع الحرام تلاثا، ولم ولن أفعل ما يغضب الله أو يسقطني من عينه"، وارفع صوتك ومن أعماق قلبك: "كن معي يا ألله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أو أقل من ذلك"، وستعافى سريعا بإذن الله.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والصلاح والتوبة الصادقة والنصوح!.