السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا صاحب الاستشارة رقم: (2260665)، مشكلتي هي في الحكم على الآخرين، أنا فعلا مقتنع جدا بكل ما قيل لي، وقد سمعت لأحد الدعاة وهو يتكلم عن موضوع الحكم على الآخرين، واقتنعت بالكلام لكن للأسف.
أشعر بأنه مرض في قلبي، أحكم على شخص يفعل أي معصية بأنه سيء رغم أني مدرك أنني لا علم لي به.
أحكم وأتسرع في عقلي وقلبي، لكن لا أحدث أحدا عنه أو أغتابه.
وعندما أرى شخصا يفعل معصية أذكر نفسي ببعض الكلام الذي يقنعني بأنه إنسان صالح، بل ويمكن أن يكون أفضل مني، ولكن أول إحساس يكون بأنه سيء، فمثلا اليوم كنت أشعر براحة نفسية جميلة جدا وأرى المسلمين كلهم صالحين، وأننا أمة واحدة، حتى رأيت شخصا يفعل معصية معينة فراودني الإحساس مرة أخرى.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ AMR حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه؛ فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: من المفيد أن الإقناع الفكري لديك قائم، وهذا يسهل عليك -إن شاء الله- اكتمال الطريق بسلامة وأمان.
ثانيا: إحسان الظن بالمسلمين خلق إسلامي حث عليه الدين، وليس معناه أن الجميع لا يخطئ أو أن من أصاب في أمر لا يخطئ في غيره، بل فائدة إحسان الظن تكمن في تفسير أخطاء الغير على وجه خير، وحين يعجز المرء عن التفسير يقول في نفسه لعل له حسنات قد فعلها بينه وبين الله مكفرة لهذا الذنب.
ثالثا: من الأمور الهامة التي تعينك كذلك, أنك لست مكلفا إلا بنفسك ولن تحاسب على أخطاء غيرك، وأن السير خلف إساءة الظن قد يدفعك إلى التهلكة من حيث لا تشعر، وهذا الحديث يفسر لك المراد: عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوما على الذنب فقال: له أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: كنت بي عالما أو كنت على ما في يدي قادرا، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته).
رابعا: الأمر ليس مرضا فكريا لكونك مقتنع بغلطه، وليس مرضا قلبيا عسير التغيير بل هو إن شاء الله في دائرة الممكن لكن يحتاج إلى صبر، وكلما رأيت معصية احمد الله أن الله عافاك، وسل الله لمن فعلها أن يغفر له، مع كتمان ذلك وستر الفاعل.
نسأل الله أن يوفقك، وأن يرضيك، وأن يعينك على طاعته.
والله الموفق.