السؤال
السلام عليكم ورحمة وبركاته.
أنا فتاة مسلمة من بلد إسلامي وأشعر بتأنيب الضمير، لأني قمت بعمل لا يرضي الله، ليس فاحشة ولكنه شيء ظاهري فعلته مع شاب، وها أنا الآن نادمة، ودائما أستغفر الله، وأقول: ربي سيدخلني النار. أتمنى من الله أن يسترني بالزواج.
أحس أن الدنيا مقفلة أمام وجهي؛ لأني قد خطبت منذ فترة واقترب موعد الفرح، ولكن انفصلنا، وكرهت الدنيا، ولدرجة أني فكرت بالانتحار، لا يفهمني أحد، لا العائلة ولا الأصدقاء.
أريد نصيحة فورية لي، فأنا دائما حزينة ومهمومة، أعينوني بدعائكم لي بالصبر والزوج الصالح.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الكريمة/ نجاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يغفر الذنوب ويستر العيوب، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يرزقنا السداد والثبات.
فإن الإنسان إذا تاب وأناب قبله الله (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ))[الشورى:25] بل يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تخرج الشمس من مغربها، فاستري على نفسك، وتوبي إلى الله توبة نصوحا، وأبشري فإن الله غفور رحيم لمن صدق وأخلص في توبته، بل ويبدل سيئاته إلى حسنات.
أما تأنيب الضمير فهو دليل على روح الخير فيك والحمد لله، ولكن ينبغي أن يدفعك ذلك إلى الإكثار من الحسنات الماحية للذنوب والسيئات، ولا تستجيبي لوساوس الشيطان الذي همه أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله، وهذا العدو يحزن لتوبة التائبين ولذلك لا يتركهم، فاعتصمي بالله وأكثري من الذكر والاستغفار، وعندها سوف يفارقك هذا العدو خاسئا وهو حسير.
واعلمي أن أفضل علاج للهموم هو ذكر الله تبارك وتعالى، وبه ينال الإنسان الطمأنينة، قال تعالى: (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))[الرعد:28] وأكثري من دعوة نبي الله يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ))[الأنبياء:87].
ولا يعني فشل الخطوبة نهاية الدنيا، بل لعل في ذلك خير لك، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وكل شيء بقضاء وقدر، فلا تحزني على ما مضى، واستقبلي الحياة بأمل جديد وثقة في الله المجيد، الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء سبحانه.
وأحذرك من أن يقودك الشيطان للانتحار؛ لأنه يجلب غضب العزيز الجبار، ويجعل صاحبه من أهل النار والعياذ بالله؛ لأنه يدل على عدم الرضا بقضاء الله وقدرة، فأخرجي هذه الفكرة من ذهنك، واجتهدي في طاعة الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، واجعلي اعتمادك وتوكلك على الله وحده، وإذا لم يفهمك أهلك اليوم فسوف تتغير الأحوال غدا بإذن الله، فاحرصي على طاعته، واصحبي النساء الفاضلات، وكما قال عمر رضي الله عنه: (واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خاف الله) وابتعدي عن مواطن الرجال؛ فهي أماكن الفتنة والفساد، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان هو الثالث ليزين القبيح ويأمر بالفحشاء والمنكر.
وحتى ييسر الله لك أمر الزواج عليك لزوم طريق العفة والطهر، والبعد عن مواطن الريبة والتهم، واعلمي أن الفاسق والصالح إذا أرادوا الزواج لا يفكروا إلا في صاحبة الدين والخلق والحياء؛ لأن صديقة الغفلة والهوى لا تؤتمن على البيوت، وإذا حصل وتزوجت فلن تطول سعادتها؛ لأن زوجها هو أول من سيشك فيها وفي تصرفاتها، والشيطان لن يتركه حتى يخرب عليه بيته.
والحزن والهم لا يفيد الإنسان في شيء، فاشغلي نفسك بالمفيد، وأكثري من تلاوة القرآن، وتجنبي الوحدة فإن الوحدة شر، ولا تندمي على ما مضى من فوات ذلك الخاطب، فالمسلم يردد في يقين قدر الله وما شاء فعل، و(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن)، فعمري قلبك بالإيمان.
نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يرزقك السداد والثبات.
وبالله التوفيق.