سوء معاملة والدي لي منذ الصغر وشكه بي أضرني نفسيا ودينيا.. أفيدوني

0 250

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة مطلقة، لدي هموم تؤرقني وتقض مضجعي، وتجعلني أعيش خائفة، وأشعر بالهوان، ولا أتمنى لأحد من المسلمين أن يشعر بما أشعر به لأنه مرهق جدا.

تعرفت على أشخاص عبر الإنترنت، وأحيانا كنت أتكلم مع أحدهم ويطلب أن يراني عبر الكاميرا، فيغوينا الشيطان ونتكلم عن الشهوة حتى تنقضي شهوتنا، ولكن لم يحصل جماع حقيقي، أو تلامس أو حتى لقاء، وأعلم أن هذا ذنب كبير، وإثم عظيم، وقد تبت من ذلك، وعازمة على أن لا أعود إليه، وأسأل الله العظيم أن يقبل توبتي.

سؤالي: بعد أن كنت أقوم بهذه الأمور وتبت منها، أحسست بتأنيب ضمير شديد، وخوف من الله، وكنت مهمومة وخائفة، وكل أهلي لاحظوا عدم أكلي وشربي واكتئابي، وأنا في الأصل أعاني من الاكتئاب، وأتناول البروزاك منذ أيام المراهقة، ونفسيتي دائما هشة وخائفة، وفي يوم من الأيام كان الشيطان يوسوس لي أنني حتى بعد أن تبت وعلم أبي فإنه سيقتلني، وأبي -هداه الله- إنسان عصبي لا يتفاهم ولا يرحم، ولا حتى يحن، وأذكر أنني تأذيت من سوء معاملته منذ أيام طفولتي، حيث أنه كان دائم الشك بنا أنا وأخواتي منذ طفولتنا، وكان يضربنا بدون رحمة عند الخطأ، ولم أشعر يوما بالأمان، وفي أيام المراهقة عانيت من اكتئاب شديد، ووساوس قهرية، وأخذتني أمي للطبيب النفسي، وأصر على أن أستخدم البروزاك، وكان أبي يرفض أن نأخذ الدواء بدون علمه، وكان الناس دائما يقولون: أعانكم الله على والدكم الشديد العصبي.

في يوم تقدم لخطبتي شخص ووافقت في البداية، وعقدنا القران ولم يدخل بي، وكان يتردد على بيتنا في وقت الملكة، وبعد معرفتي بشخصيته، وجدت في نفسي كرها ونفورا شديدا له، وحاولت مقاومة ذلك وتقبله لمدة أربع شهور، وكنت أحاول بكل جهدي أن أبعد شعور النفور قبل الزواج، ولكنني لم أستطع، وظل النفور في قلبي، فذهبت لأبي وقلت له: أنني أجد في نفسي نفورا منه، ولا أستطيع أن أكون زوجته، وقد أظلمه في المستقبل، وقد لا أعاشره بالمعروف، فضربني، وقال: ماذا تريدين أن يقول الناس عنا؟ ولم يكن يهمه نفسيتي أو رأيي، ثم تم الزواج، ودخل بي لمرة واحدة، ولم أستطع معاشرته لما أجد في نفسي من كره، وبعد فترة أخبرته أنني لا استطيع معاشرته، وتم الطلاق.

لقيت تعنيفا شديدا من والدي، ولم أجد الأمان عنده، وأحيانا أعرف أنه من الممكن أن يتهمني بشيء، ويؤذيني حتى قبل أن أعرف العلاقات المحرمة عن طريق الإنترنت، وكان دائم الشك لدرجة أنني عرفت أشياء لم أكن أعرفها، فشكه بي وبأخواتي منذ صغرنا قبل أن نفهم أي شيء (أننا كالعار)، وشدته وقسوته بعد طلاقي، كانت من عوامل وقوعي في الخطأ، ولا أبرر لنفسي فأنا موقنة بأنني آثمة، ولكن يا ليته كان أكثر تفهما لنا.

أرجو إجابتي على هذه الأسئلة:

1- هل ما فعلته من كلام في الزنا حتى إنزال الشهوة وبدون لقاء أو جماع حقيقي، هل هذا يوجب الحد؟
2- هل أنا محصنة؟ رغم موافقتي على زوجي وذهابي معه مكرهة؟
3- لدي وساوس قهرية أنني عملت الفاحشة، وأنه يجب أن أرجم، وأقتل، وأنني لا أستحق الحياة، وهذه المشاعر تؤلمني كثيرا، وتعطلني عن أداء مهامي اليومية، وعن شعوري بالحياة، ولم يعد عقار بروزاك يفيدني كثيرا، وأمي قلقه علي لأن وزني انخفض كثيرا، ولم أعد أشعر إلا بالهموم والخوف والهلع، أريد أن أعيش حياة طبيعية، ولا أخاف، وأصبح قوية خصوصا أنني تبت لله، ولكن الوساوس تقول لي: لا بد أن تقتلي وترجمي.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهال حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكر لك الثقة في إسلام ويب، وأقول لك: أن حياتك بالفعل قد مرت بتعقيدات وهفوات كبيرة جدا، وموضوع العلاقات المحرمة عبر الإنترنت أصبحت قضية تشغلنا جميعا، وعلمائنا الأفاضل من أمثال الشيخ أحمد الفودعي -إن شاء الله تعالى- يفيدون حول هذا الموضوع، حيث إنه أحد المستحدثات التي فتحت بابا من أبواب الفواحش، وأنا لا أريد أن أثقل عليك حقيقة، لأن نفسك اللوامة -بفضل من الله تعالى- قد أخذتك إلى بر الأمان، ويجب أن تتحول الآن نفسك إلى نفس مطمئنة، وبالرغم مما اقترفته، فإن الله تعالى غفور رحيم، تواب حكيم.

حول الرؤى الشرعية لأسئلتك واستفساراتك سوف يفيدك قطعا الشيخ أحمد الفودعي، وأعتقد أنه سوف يحمل لك بشريات عظيمة، وفي ذات الوقت أنت مطالبة بالانضباط، الانضباط الذي يحجم ويلجم كل فكرة تراودك حول ما يأتي به الشيطان، وإن كان هو مسؤولية الإنسان.

وبالنسبة لموضوع ما يعتريك الآن من وساوس حول أنه يجب أن ترجمي، هذه ليست فكرة وسواسية، هذا شعور بالذنب له ما يبرره، لكن أقول لك: هوني على نفسك، فرحمة الله واسعة، والتوبة تجب ما قبلها، والتوبة تمحو ما قبلها، والله يفرح بتوبة عبده إذا تاب ورجع إليه، وسوف يفيدك الشيخ أحمد حول هذا الموضوع.

مخاوفك من والدك هي مخاوف مبررة، فأنت أدرى بمنهجه التربوي، وفي ذات الوقت أدرى بالأخطاء التي قمت بارتكابها، لكن أقول لك: أنت مطالبة بأن تستري على نفسك، والمستور لا يكشف أبدا -إن شاء الله تعالى- وحاولي أن تستفيدي من التجربة الماضية، واجعلي حياتك مستقيمة، مرضية أولا لله تعالى، ثم لك، ثم مرضية لوالدك ووالدتك، ويجب أن تعيشي الحياة بقوة، بأمل ورجاء، أن تكون لك أهداف مستقبلية، تنمي من خلالها شخصيتك، وتطوري مهاراتك، هذا أمر مطلوب، وما حدث حول زواجك قد انتهى وانقضى، واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، قطعا الأمر كان فيه شيء من التهاون، لكنه أمر قد انقضى.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أقول لك: أن الزولفت سيكون هو الدواء الأفضل بالنسبة لك وليس البروزاك، إن أردت أن تشاوري الطبيب النفسي الذي قام بوصف البروزاك لك فهذا أمر جيد وأؤيده، وإن لم تستطيعي الذهاب للطبيب فاستبدلي البروزاك بالزولفت، والجرعة هي: كل كبسولة من البروزاك تساوي حبة واحدة من الزولفت.

أسأل الله لك العافية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ: أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك ثقتنا فينا، والتي دفعتك لأن تبثي إلينا همومك وشكواك، ونحن نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يفرج عنك كل كرب، وأن يغفر لك كل ذنب، وأن ييسر لك اليسرى ويجنبك العسرى.

أولا قد أحسنت -أيتها البنت العزيزة والأخت الكريمة- حين سارعت إلى التوبة إلى الله تعالى، من هذه العلاقات المحرمة بينك وبين الرجال الأجانب عن طريق النت، والتوبة المستوفية لشروطها يمحو الله تعالى بها الذنب مهما كان ذلك الذنب، فقد قال سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، فلا يعظم على الله -سبحانه وتعالى- ذنب، فهو يغفر الذنوب جميعا إذا تاب صاحبها منها، وقد تاب الله -سبحانه وتعالى- على من ارتكبوا قبائح الذنوب والآثام كالشرك بالله -سبحانه وتعالى- وسبه ومحاربته، وغير ذلك من الذنوب العظام، تاب الله -سبحانه وتعالى- على من تاب من أصحابها وأصبحوا بعد توبتهم من أحباب الله -تبارك وتعالى- وأوليائه الصالحين وعباده المقربين، فحسني ظنك بالله، واعلمي أنه غفور رحيم، لا تضره معصية العاصين، ولا تنفعه طاعة الطائعين، ولكنه سبحانه يحب من عبده التوبة ليكرمه ويحسن إليه ويعطيه ويجزل عطائه عليه.

وهذا الذنب الذي فعلته ما دمت قد تبت إلى الله تعالى فإن الله تعالى سيمحوه، وقد قال نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وهو من مقدمات الزنى، ولكنه ليس الزنى الذي يوجب الحد، فالحد لا يجب إلا بحصول الإيلاج، أي إدخال الذكر في الفرج، ومن فعل شيئا من الجرائم التي تستلزم عقوبات كالزنى، أو غيره فإن الأولى له أن يستر على نفسه، امتثالا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله)، رواه الإمام مالك في الموطأ، وقد قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- : (إن الستر على النفس واجب).

فلهذا يتعين عليك -أيتها الأخت الكريمة- أن تستري على نفسك ما حدث، ولا تكلمي به أحدا من الناس كائن من كان، وأحسني توبتك فيما بينك وبين الله تعالى، وأكثري من الأعمال الصالحة، فإن الله تعالى يقول: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}، وأما هل أنت محصنة؟ فالجواب نعم، أنت محصنة، لأنه قد حصل الزواج والدخول، وإن لم تكوني راضية بذلك الزواج أو كنت مكرهة عليه.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات