السؤال
السلام عليكم
أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، وفي منتصف العام، وقد غلبني الشيطان ووسوس لي لفعل العادة السرية، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وذلك نتيجة لشعوري بالتعب والضيق من المذاكرة.
أنا بفضل الله دائم المذاكرة، ودائما أكون من الأوائل على المدرسة، ونتيجة الضغط الشديد قمت بارتكابها.
علما اني أول مرة أعملها في حياتي كلها، ولقد شعرت بالحزن والالم الشديد، وندمت على ذلك، وأخذت عهدا على نفسي ألا أرتكبها، وأشعر أن توفيق الله الذي كان دائما ما يلازمني لم يعد موجودا.
أخاف بعد كل الجهد الذي بذلته ألا يوفقني الله في الامتحانات، وألا أحقق حلمي في دخول كلية الطب التي أسعى لها بكل ما في وسعي، وأشعر أن الله غاضب مني، والدليل على ذلك أني أشعر بأن كل أصدقائي وأهلي قد ذهبت المحبة التي كانوا يكنونها لي.
لذلك أرجو أن يكون لديكم العلاج.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فأحب أن أقول لك: إن هذا الذي تحس به الآن من عدم وجود راحة في التعامل مع أقرب الناس إليك، والمحبة التي كانت تملأ حياتك مع من تتعامل معهم قد شعرت بأنها قد ذهبت، أقول لك: إن هذا كله أثر من آثار هذه المعاصي التي وقعت فيها، فأنت عندما خالفت منهج الله تعالى ووقعت في الحرام عجل الله لك بالعقاب، وهذا من رحمة الله تعالى بك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة) وقال أيضا: (من يرد الله به خيرا يصب منه) فالله تبارك وتعالى عجل لك بالعقوبة حتى تنتبه، حتى لا تستمر في الطريق الخطأ، وحتى لا تظل ماشيا في المعصية والحرام، لأنه من الممكن أن تستمر في المعاصي حتى يذهب الإيمان من قلبك بالكلية، فإن المعاصي عبارة عن مواد مدمرة تدمر القلب والإيمان في قلب العبد المؤمن؛ فحصل لك ما حصل، وتبين لك أنه من الممكن أن تخسر أشياء كثيرة.
أنت الآن تشعر بأن المحبة التي كانت في قلب أهلك قد ذهبت، ومن الممكن أيضا أن يكون هناك ابتلاء آخر أشد وأقوى من هذا، ولكن رحمة الله بك أن الله عاقبك عقابا بسيطا، وإلا فإنك تعلم أن الله قال: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} وقال: {نبأ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم} وقال: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} وقال أيضا: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}.
أنت قد لطف الله بك وخفف الله عنك وحرمك من نعمة أنت كنت تستمتع بها، وإن لم تكن نعمة كبيرة، نعمة العين أو نعمة السمع أو نعمة الصحة، إلا أنها مما لا شك فيه أنها أزعجتك، والدليل على ذلك أنك اتصلت لتسأل عن حل لهذه المشكلة.
أقول لك: إن الله تبارك وتعالى قال في القرآن الكريم: {وإن عدتم عدنا} ومعنى هذا أنك لو عدت للطاعة والاستقامة أعاد الله إليك محبتك ومودتك ورد إليك ما فقدته سواء كانت المودة والمحبة أو غيرها من الأمور التي شعرت أنها تأثرت نتيجة المعصية.
لذا أقول: إن الحل في يدك – ولدي محمد – فعليك أن تجتهد في طاعة الله تعالى والبعد عن المعاصي، وأن تلتزم بهذا العهد الذي قطعته على نفسك، بعدم الدخول لهذه المواقع المحرمة تحت أي ظرف من الظروف، وتحت أي داعي من الدواعي، وتحت أي سبب من الأسباب، وتجتهد في المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وتكثر من الاستغفار، وتكثر من الدعاء، وتحاول أن تركز على مذاكرتك أكثر وأكثر، عسى الله تبارك وتعالى أن يتقبل توبتك، وأن يغفر ذنبك، وأن يرفع شأنك، وأن يجعلك من العلماء العاملين والأولياء المقربين، وأن يجعلك من أساتذة الجامعات في مجال الطب حتى تستطيع أن تقدم خدمة للمسلمين، وما ذلك على الله بعزيز.
أسأل الله أن يكرمك بالأعمال الصالحة، وأن يباعد بينك وبين الحرام، واعلم – ولدي محمد – أن الله غني عني وعنك، وغني عن أهل الأرض جميعا وأهل السموات، فإن الله تعالى قال: {إن الله لغني عن العالمين} ولكن نحن الذين نحتاج إلى الله، فنتأدب مع الله حتى يكرمنا الله تبارك وتعالى.
أسأل الله أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوفقك في دراستك، إنه جواد كريم.