السؤال
السلام عليكم
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع.
سؤالي: كيف أعرف أن الابتلاء نعمة أم نقمة أم إنذار من الله؟ وهل كل إنذار من الله أو ابتلاء دلالة على قرب الأجل؟ وهل مقولة أن الإنسان يحس بقرب أجله قبل أربعين يوما صحيحة؟ وهل هناك طريقة للتخلص من أن أربط كل شيء بالموت؟ وهل هي أفكار أم إنذار أم ابتلاء؟
علما أني شاب أحاول أن أبتعد عن المعاصي، -والحمد لله- لا أعمل شيئا من الكبائر، وأتجنب قدر المستطاع الصغائر.
والرجاء منكم الرد على كل ما ورد بسؤالي، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ yacoub ha حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: الأصل -أخي الفاضل- أن كل ما يصيب المسلم من مصائب يعد بمثابة الابتلاء له من قبل الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له )، السراء والضراء كانت خيرا للمؤمن، إذا تعامل معها وفق قاعدتي الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء.
ثانيا: حتى يعرف المسلم نوع الابتلاء، هل هو عقوبة على فعل أم إنذار أم ابتلاء لرفع درجته عند الله؟ عليه أن ينظر في حاله، فإن كان يعلم أنه من أهل العصيان ترجح ساعتها كونه عقوبة له أو إنذار، أو رسالة من الله، كما قال أحد السلف حينما أصيب بمرض شديد في آخر عمره: علام أصبت بذاك فجعل يتذكر عله ذنب يعاقب به، فتذكر فقال: ربما كانت من نظرة نظرتها، وأنا شاب.
وأما إن كان المسلم يعلم من نفسه استقامة لأمر الله، ومحافظة على ما أمر الله به، فليعلم أن هذا ابتلاء رفعة من الله، يقول بعض السلف: إن الله إذا أراد لعبده مكانا عليا فلم يبلغ الدرجة بعمله، فإن الله يبتليه ويصبره على البلاء ليرفع إلى الدرجات العليا التي أرادها الله له.
ثالثا: ليس هناك ما يدل على أن الميت يشعر بموته قبل أربعين أو أكثر أو أقل، فلا تعتبر بهذا الكلام.
رابعا: إن كان الأمر بلاء أو عقوبة يمكنك ساعتها تحويله إلى نعمة بالصبر عليه، مع التوجه إلى الله بالدعاء والرضا بقدر الله عز وجل، والتسليم الكامل له، وهذا من شأنه أن يعمر قلب المؤمن، فيعيش في غاية السعادة؛ وعلى العكس من ذلك تماما، نعني إذا تضجر من قدر الله، فإنه يعيش حياة البؤس على خلاف الصبر على المكاره الذي يزيل من النفوس الهموم والغموم كما قال الشاعر:
فدع ما مضى واصبر على حكمة القضا ** فليس ينال المرء ما فات بالجهد.
خامسا: ربط الأحداث بالموت قد يكون جيدا إن كان يعينك على محاسبة نفسك، لكن إن كان الأمر يرهقك أو أكثر مما تتحمل، فالطريقة الوحيدة هي التجاهل مع الاعتقاد بأن الموت ليس نهاية مرحلة، وإنما هو بداية لقاء المسلم بالله ورسوله والمكوث في جنة ربه.
سادسا: من المعينات لك على طاعة الله الصحبة الصالحة، فأكثر أخي منها واجتهد أن يكون أصحابك من أهل الالتزام والطاعة، فالمرء بإخوانه وإخوانه بدونه.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.