السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أود أن أشكركم على المجهود الذي تبذلونه لصالح المسلمين، وأسأل الله تعالى أن يثيبكم عليه وأن يجزيكم عليه خير الجزاء.
أولا: أنا مصاب بحالة من الوسواس القهري منذ سنوات، ولكن مشكلتي تبدأ منذ سبعة أشهر حيث كنت في حالة اكتئاب شديد مستمر منذ سنة قبله، وأفقت ذات يوم على خوف مريع من أن أصاب بالجنون -نسأل الله تعالى السلامة والعافية- وكانت صدمة شديدة لم أتوقعها.
ذهبت إلى الطبيب فوصف لي سرترالين لمدة ستة أسابيع، وريزباريدون مع فالبروات الصوديوم لمدة أربعة أيام، أصابني نوع من التوتر؛ لما أخذت الدواء، ولم أصبر عليه، وتركته بعد أسبوعين.
حاولت فيما بعد أن أنهج نهج العلاج السلوكي؛ لأطرد هذه المخاوف غير الحقيقية التي تتملكني وتسيطر علي، ثم جربت الإينوسيتول لمدة شهرين دون فائدة.
رجعت منذ شهر إلى الطبيب، ووصفت حالتي بأني مصاب بحالة من الخوف الشديد متنقل بين عدة أشياء: الخوف من الجنون، الخوف من فقدان الإحساس بالمكان والزمان، الخوف من فقدان الصلة بالواقع...، وهذه المخاوف رغم جهدي في طرحها من ذهني إلا أنها تسيطر على ذهني، وتسبب لي ألما مبرحا وشعورا مستمرا بعدم الراحة، بحيث أمضي يومي منتقلا من خوف إلى خوف رغم اقتناعي أنها مخاوف لا مبرر لها، وجهدي في نزعها من ذهني.
وصف لي الطبيب ريزباريدون بجرعة 2 ملجم، وبدأت تناول الدواء، وسبب لي هياجا شديدا، فرجعت إلى الطبيب بعد أسبوعين؛ لأصف له حالة الهياج فضاعف لي الجرعة إلى 4 ملجم، وقال: يجب أن تصل إلى الراحة المطلوبة مع هذا الدواء. وقال: إن الهياج من بقايا سرترالين في بدني. ولكن لم أصبر على هذه الجرعة إلا يوما واحدا لشدة الهياج الذي سببته لي.
- فماذا أفعل الآن مع هذه الحالة من الخوف الشديد الذي يتملكني والهواجس التي تنقد أفعالي نقدا شديدا لأتفه الأسباب ولا تريني إلا الجانب المظلم من الأمور، وتعطيني إحساسا مريعا بغرابة الأشياء من حولي؟
- وماذا أفعل مع حالة الإحساس بنفاد الصبر عند مزاولة أي عمل والهواجس التي تحثني على تركه؟
- وهل يمكن أن أتعافى من حالتي هذه؟ وما هي المدة المطلوبة للعلاج؟
وشكرا جزيلا لك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم: وصفك واضح لحالتك، وأريدك أن تقتنع أنك تعاني من قلق، هو المركب الأساسي في أعراضك، يضاف إليه الوساوس والمخاوف، فوساوسك تتمازج مع المخاوف لتؤدي إلى مزيد من الوساوس، وهكذا.
ويا أخي الكريم: أرجو ألا تعتقد أنك تعاني من عدة أمراض، لا، القلق والخوف والوسواس كلها من أصل واحد، وهي متداخلة ومترابطة، وكثيرا ما يكون الاكتئاب جزءا ثانويا من هذه الأعراض.
أخي الكريم: يجب أن تكون لك قناعات أنك سوف تعالج، وسوف تشفى -بإذن الله تعالى- والأدوية تساعدك، ولكن لا أريدك أن تجعل قناعتك أن الدواء هو العلاج الوحيد أو العلاج الجوهري، لا، الوسواس يعالج من خلال تحقير الأفكار، مقاومة الأفكار، عدم نقاش الأفكار، والخوف يعالج بالمواجهة وبإخضاعه لتفكير منطقي، والقلق يعالج من خلال ممارسة الرياضة والتمارين الاسترخائية، والتعبير عن الذات، والصلاة، والدعاء، والذكر، وتلاوة القرآن... هذه –يا أخي– كلها علاجات وعلاجات أساسية، فأرجو أن تجعل نمط حياتك على هذا النهج.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي فأنا أرى أن عقارا يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) والذي يسمى تجاريا (ديروكسات Deroxat) ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine) سيكون دواء فاعلا بالنسبة لك. يوجد نوع من الديروكسات، يسمى (CR) وأعتقد أنه الأفضل في حالتك، تبدأ بـ 12.5 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر، ثم تتوقف عن هذا الدواء.
أما الدواء الداعم الآخر فهو عقار يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride) تبدأ بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، استمر عليها لمدة شهر، ثم تجعلها كبسولة صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة –أي خمسين مليجراما– يوميا في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أخي الكريم: إذا أرجو أن تتفهم أن حالتك بسيطة حتى وإن كانت مزعجة، وأنها تعالج وتواجه من خلال التفكير الإيجابي، وتحقير فكرة الخوف، وصرف الانتباه من خلال ممارسة الرياضة وملء الفراغ والوقت بما هو نافع ومفيد.
حالة التململ الحركي وعدم الصبر الذي تأتيك هي ناتجة من القلق وليس أكثر من ذلك، وما ذكرته لك من إرشادات زائد العلاج الدوائي أعتقد أن ذلك سوف يقضي تماما على ما تعاني منه، فعليك بالتطبيق، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان، وكل عام وأنتم بخير.