السؤال
السلام عليكم.
قريبتي وهي صديقتي أيضا، صاحبة شخصية جافة، وأريد أن أساعدها في التخلص من بعض التصرفات التي تجعل الناس يفرون منها، لديها مبادىء وقيم، لكنها تتخلى عنها مجاراة للمجتمع، فمثلا تريد أن تلتزم باللباس الشرعي، لكنها تخاف الانتقاد، وأصبحت متشائمة جدا، إلى درجة أنها تتعامل مع كل الناس على أنهم أشرار.
المشكلة أنها بعد أن تقع في مشكلة ما، تأتي لتطلب مني حلا، وعندما أحدثها عن أساس المشكلة، لا تقبل أن أقول لها أنها المخطئة، لأنها ببساطة تتبع أسلوبها في التعامل مع التفاصيل، وأسلوبي في حل المشكلة لا ينفع في تغيير قناعاتها، فأرجوكم أن تنصحوني بالطريقة المناسبة لكل حالة من الحالات الآتية:
1- الشيء الذي أخاف عليها منه أنها تعاند الرجال في العمل، بحجة أنهم يخطئون، وهي صريحة، ولا تقبل الخطأ، قد تكون على حق، لكنها أيضا تريد أن تكسرهم كما يفعل الرجال مع جنسهم، كيف أقنعها أن أسلوبها خاطئ؟
2- مع قوة شخصيتها فهي ساذجة مع الرجال الذين يتوددون إليها، والذين يعجبونها فهي تقع في فخهم، وتعرضت للأذى عدة مرات بسبب ذلك، ولا تقبل النصيحة، وتقول: بأن الفتاة يجب أن تبادل الشاب الإعجاب، على الأقل لكي يتجرأ ويطلبها.
3- أصبحت تفكر أن كل من حولها يهتمون بها بسبب راتبها، حتى الأغراب، وسيئة الظن في كل من يحسن إليها.
4- تحسد الناس على أشياء بسيطة، مع أن حالتها جيدة مقارنة بكثير من الناس، هل أقول لها مباشرة أنها حسودة؟ لأنها لا تعترف، وفي بعض الأحيان تحاول أن تؤذي الذين تحسدهم، أم توجد طريقة غير مباشرة اساعدها لكي تقلل من حسدها؟
أحاول أن أوضح لها كل شيء على قدر معرفتي، لكنها تجاريني، ثم تفعل ما تشاء حسب اقتناعها، أخاف أن أشعر بالملل، وأتوقف عن نصحها، فهي مع كل اهتمامي بها تحاول أن تحبطني، وأعرف أنها لا تحب لي الخير كثيرا، لكنني أحبها، وأعرف أنها تحبني، ليس لديها صديقات مقربات، ولا أريدها أن تبقى وحيدة.
فهل طريقتي في صداقتها خطأ؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المحبة في الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: شكر الله لك حرصك على أختك، والتماسك إيجاد حلا لها، وهذا يدل على خير أنت فيه، نسأل الله أن تكوني كذلك وزيادة.
ثانيا: الأخت التي تتحدثين عنها، والتي اجتهدت في إيصال ما ترينه نصيحة صادقة لك لم تقتنع بكلامك، وهذا يعني أنها أحد اثنين:
1- إما مقتنعة بخطئك في التشخيص، وهذه الحالة لن يجدي معها أي علاج منك تحديدا.
2- أو مقتنعة بالتشخيص لكنها تتهرب من الاعتراف بالخطأ، وتجتهد في تبرير أفعالها حتى لا تظهر بمظهر الضعف، وهذه كذلك لا يصلح لك الاستمرار في نقدها.
ثالثا: ليست مشكلة صديقتك فيما ذكرت من مظاهر، فهذا أعراض لمرض، والوقوف عند العرض ليس حلا للمشكلة، بل الحل الصحيح الوقوف على أسباب المرض ومعالجته.
رابعا: مشكلة مزدوجة بين امرأة تجمع بين الشخصية القوية والشخصية المنهزمة في آن واحد، وهذا يفسر عدائها للرجال، لأنها تشعر من داخلها أنها في حاجة إليهم لكنها لم تجد بحكم شخصيتها الكفؤ لها، ولا تستطيع مجاراة الواقع والعيش بدون التفكير في الرجل، فهو إذا محور مشكلتها، وهذا ما يفسر طغيانها في مهاجمتهم؛ لأنه ساعتها يكون نابعا من شخصيتها، وانجذابها لأي شاب يبادلها بعض المشاعر؛ لأنه نابع من عاطفتها.
خامسا: نرى أن الزواج الناجح سيكون حلا لكثير من مشكلاتها، لكن الآفة في الزواج غير الناجح قد يجعل منها شخصية أكثر عنادا، لا نقول مع الرجال، ولكن من المجتمع كله.
سادسا: إننا نرى الحل الأمثل في دخول طرف ثالث يكون مهتما بعلم النفس، مدركا لبعض الجوانب السلوكية، ولا بأس أن يكون الطرف طبيبا نفسيا أو مصلحا اجتماعيا بدون التوجيه المباشر لها، ذلك أن آفة الدواء أحيانا لا يكمن في نجاعته، ولكن يكمن في التشخيص الخطأ للداء.
وأخيرا: اقترابها من الله سيكون عاملا إيجابيا في تحسين حالتها، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدارين، وأن يصلح حال أختك والله المستعان.