السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 18 سنة، أعاني من ضعف العزيمة والإرادة والمثابرة في إنجاز أي عمل، حيث أنني أبدأ فيه لمدة أسبوع أو أقل من أسبوعين ثم أستثقله، وأشعر أنني ملزمة به، وأنا لا أحب الالتزام بشيء، رغم أنني فعلا مكلفة في بعض الأمور الدينية والصحية.
إنني راشدة وأوقن ما هو الخطأ وما هو الصواب، قرأت عن الموضوع في موقعكم المفيد ومواقع أخرى، وألم بكافة جوانب الموضوع والخطوات والتوجيهات، ووصلت للقناعة، لكن الاستمرار يصعب علي، رغم أنني حين أترك الاستمرار أشعر بالنقص.
بعض من مشكلاتي مثلا: التقصير في الصلاة، العادة السرية، الفوضوية، مشاهدة الأفلام الإباحية، الدراسة، فمعدل اجتهادي ينخفض ويرتفع بحسب الفتور والحماس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rawan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر عليك تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما استصعب أمره عليك، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: نحن نتفهم تماما هذا الصراع النفسي بين طموحك وبين ما تعانينه من ضعف العزيمة وفقدان المثابرة، وما تعانينه -أختنا- تعاني منه كثير من الأخوات، لكن ليس كلهن يبحثن عن حلول وليس كلهن يعرفن على الداء.
ثانيا: الأهداف العالية -أختنا الكريمة- تحتاج إلى قوة إرادة وصبر ومثابرة، وكلما كانت الأهداف سامية كلما كان الجهد مضاعفا، وهذا الذي يميز بعض الناس على بعض، وقديما قال المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم؛ الجود يفقر والإقدام قتال
وإنما يبلغ الإنسان طاقته ما كل ماشية بالرحل شملال
وقال غيره :
وما نيل المطالب بالتمني **** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال **** إذا الإقدام كان لهم ركابا
ثالثا: أول ما ينبغي عليك فعله -أختنا الكريمة- هو الارتكان إلى الله، وطلب العون منه، والتوكل عليه:
فاشدد يديك بحبل الله معتصما **** فإنه الركن إن خانتك أركان.
رابعا: :احذري -أختنا- من اليأس فإنه قاتل الأمل، وعليك بالتفاؤل، رددي في نفسك أنك قادرة أن تكوني الأفضل والأحسن، وتذكري قول الله تعالى : "والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا " احذري اليأس فهو القائد للتواني ومن ثم العجز، وقد قال بعض الحكماء: نكح العجز التواني فخرج منهما الندامة، ونكح الشؤم الكسل فخرج منهما الحرمان.
خامسا: اصنعي أهدافك بواقعية بعيدة تماما عن المثالية، وقسمي الأهداف إلى مراحل وهي ما تسمى: أهداف بعيدة المدى ومتوسطة المدى وقريبة المدى، وفائدة تقسيم المراحل تكمن في أن كل هدف تصلين إليه يعطيك قوة وعزيمة للالتحاق بالهدف الذي يليه، المهم ألا تكلفي نفسك ما لا تطيقين، ولا تحملي نفسك اليوم ما تعجزين عنه الغد، وهذا ما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة قال: "من هذه؟" قالت: فلانة تذكر من صلاتها، قال: "مه! عليكم بما تطيقون؛ فوالله لا يمل الله حتى تملوا" وقد سئل -صلى الله عليه وسلم- : أي العمل أحب إلى الله؟ قال: ((أدومه، وإن قل) .
سادسا: الصاحب ساحب: من المهم -أختنا الفاضلة- أن تكون لك صحبة من النساء الصالحات ممن يتمتعن بقوة الإرادة والعزيمة، فإن الصفات الحسنة تنتقل بين الأصحاب بلا تكلف ولا عناء.
سابعا: العجز ليس في الفشل مرة أو مرتين، بل العجز أن تظني أنك لن تقدري أن تكوني الأفضل، وهذا يعني أنك في سيرك فيما أردت قد تحدث انتكاسة أو يحدث تراجع أو فشل، هذا أمر طبيعي، وعليك ساعتها دراسة الأسباب التي أدت إلى ذلك ومحاولة محوها أو تقليل آثارها، والبدء من جديد، ولا تقولي فشلت بعد شهر ولكن قولي نجحت شهرا كاملا.
ثامنا : إذا أردت الابتعاد عن معصية ما، فعليك أن تفعلي ما يلي:
1- القراءة حول الحكم الشرعي لمن وقع في تلك المعصية.
2- القراءة حول الأضرار البدنية والنفسية لهذا الفعل.
3- البحث عن الأسباب التي تدفع إلى تلك الفعلة والاجتهاد في إزالتها.
طبقي هذا الكلام على كل معصية تريدين التخلص منها مع الاستعانة بالله وستجدين الخير الكثير -إن شاء الله-.
وأخيرا: أكثري من الاحتماء بالله والدعاء له سبحانه، فالدعاء -أختنا- سهم صائب ومتى ما استعنت بالله وبذلت جهدك وفقك الله وحقق مرادك، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدارين.
والله الموفق.