كيفية تعامل الزوجة مع زوجها وضرتها.

0 932

السؤال

سعدت كثيرا أنني وجدت مجالا أطرح فيه مشكلتي؛ لعل أحدا ما يمد إلى يد العون ويساعدني في تجاوز ما أنا فيه.
مشكلتي الآن لم تعد جديدة، فهي تجاوزت الثلاث سنوات، لكنني سأعود إلى البدايات، كنت تلك المرأة الوفية التي تزوجت قريبا لها عن حب (طفولي)، ثم أعطته كل شيء، أنجبت منه طفلين، وكنت أعمل وأساعد في مصروف البيت نسبيا إن لم يكن في بعض الأحيان كله، خاصة في بداية سفره للعمل وعدم توفيقه هناك.
أود أن أشير إلى أن زوجي ليس متدينا، وهذه مشكلة أخرى، وبالقوة بدأ يصلي في هذه الفترة ـ هداه الله وهداني ـ وهذا لا يعني أنني أفضل منه لكنني بعد زواجه تقربت من ربي أكثر، علمت منه أنه ينوي أن يتزوج من صديقته قبل أن يقبل فعلا على ذلك، وقد ضاقت بي الدنيا، وحاولت أن أطلب الطلاق، لكنني بعدها قررت أن أخوض التجربة وآتي إليه في الغربة؛ لعله يتحمل أخيرا مسؤوليته كأب مرة واحدة في حياته، خاصة أن أولادي قد كبروا، أحدهم في 11، والثاني 13 سنة.

طبعا هو استمر في رجائي أن آتي إليه، وأنه سيعوضني، لكنه رفض بشدة طلاق الأخرى، حيث أنه حين طلب منها مجرد أن تبتعد عنه أرادت الانتحار، وهي تعيش هنا وحيدة في الغربة بعد أن تركت أهلها وخطيبها السابق بعد وفاة أمها، وجاءت للعمل وبناء حياة جديدة على حسابي وحساب أولادي.

أقول لكم بصراحة أنني تعبت جدا! حتى بدأت تبرد النار في قلبي ـ والتي حتى الآن لم تبرد تماما ـ وحين أتيت وعدني أنني سأعمل وأن راتبي من حقي، وهذا ساعدني، فبعد أن وجدت عملا بصعوبة -ودون أدنى مساعدة منه- اشتريت منزلا صغيرا جدا لم أسدد كامل ثمنه بعد، لكن الأمر جعل زوجي يتغير تجاهي، فازداد تقصيره تجاه المنزل والأولاد.
في الفترة الأخيرة دخلت بمشادة كلامية معه بسبب زوجته الثانية، فأنا ـ لا أخفي عنك ـ لا أزال أغار! حيث أنني ألاحظ كم يحاول أن يقرب بينها وبين أهله، وعلى العكس تماما - وتعلمون مشاكل الأقرباء - فهو لم يحاول أن يتقرب من أهلي بعد زواجه مني، وعندما طلبت أن أحضر والدتي لزيارتي لم يبد حتى مجرد الترحيب بها، خاصة وقد ملأت والدته التي تكره أمي رأسه عن موقف أهلي من زواجه الثاني؛ مما دفعني للتوقف عن دعوة أمي ووضعي في موقف سخيف أمام أهلي.
عاتبته فراح يتهمني بالأنانية وأنني أريد كل شيء، وأن زوجته الثانية لا تعيش بنفس مستوى حياتي أنا وأولادي، وأنه لا يعاملها معاملة جيدة كالتي ألقاها، وأنه هو المسكين ولست أنا، أجل راح يمن علي بمعاملته الطيبة، وكأنني أنا المسئولة عن معاملته السيئة لزوجته وتقصيره المادي معها، أجل فهو ووالدته عندما يتحدثان عن زوجته الجديدة، يتحدثان بشفقة، فهي لم تنجب، كما أنها تتولى مصروف منزلها -على حد قولهما- وأنها تبكي دائما وحدتها وبقاءها نهارا مع أولاده!
علما أن زوجي يعمل حتى التاسعة ليلا وأكثر أحيانا، ويأتينا ساعتين، ويوم الجمعة الذي يقضيه نائما، كما أنه يعدل في الليل فيقضي ليلة معنا وليلة معها، أما السكن الذي نحن فيه، فهو من عمله، أما مصروف المنزل فهو دائما مقصر به، وأنا أشارك أحيانا كثيرة به، ناهيك عن أنني أتحمل مصروفي كاملا، ولا أبخل على أولادي ببعض الأمور الترفيهية، حين اتهمني بالأنانية كنت أعلم أنه يعني بذلك راتبي، فزوجته الثانية سكنها على حسابها الشخصي، وهما دائما يدخلان في دوامة إيجار البيت كلما حل في هذه البلاد التي أجور السكن فيها غالية جدا.

لكنني أريد أن أقول أنني متعبة أيضا من نفسي! بودي أن أستطيع أن أتقبل الموضوع برحابة صدر! بل وأن أصبح صديقة لها - وقد حاولت ذلك ولم أفلح - وأن أساعده لكنني لا أستطيع! أشعر أنني لا أريد أن أكرر غبائي واستغلاله لي! وما أكثر ما استغلني في الماضي! وأن أولادي أحق بمالي منه ومنها! وأنني يجب أن أوفر لهما، فغدا يدخلان الجامعة، وهو دائما مقصر، فأنى له أن يدخلهما فروعا جيدة؟ وحتى هذه اللحظة كثيرا ما أفكر بالطلاق في نهاية عمري! خاصة بعد أن أصبح لدي منزل، وسيصبح أطفالي كبارا.
أجل ضائعة! ليتني أستطيع أن أكون مثل تلك الزوجات التي قرأت عنهن، والتي تفتح قلبها وبيتها للثانية، وتعطيها -ربما- غرفة لديها، وتحتسب أجرها على الله!
هذه مشكلتي، وأناشد أيا كان لو أنه يستطيع أن يقنعني بطريقة أواصل بها الحياة مع زوجي وضرتي فليفعل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
اطلعت على استشارتك، ووقفت عندها كثيرا، ونسأل الله أن نوفق في مشاركتك في الحل، ولعل المشكلة تتلخص في زواج زوجك بامرأة ثانية، وأنك عجزت عن أن تتقبليها وترضي بها، ولذا انتابك القلق والضجر.
الأخت الفاضلة، إن الإنسان كثيرا ما ينسى شيئا من نعم الله عليه، وينظر فيما حرم منه من النعم، ولا يعرف الإنسان فضل الله عليه ونعمه إلا عندما يرى حرمان الآخرين منها.

فتذكري أختي بعضا من نعم الله عليك، منها نعمة البنيين، وهذه من أكبر نعم الدنيا، وتصوري حال من حرموا منها وعاشوا في تعاسة، كما أنعم عليك بدخل خاص وهو معاشك، فما هو الحال لو كنت في حاجة ماسة لا دخل لك، وتعتمدين كلية على زوجك؟! وأيضا أنعم الله عليك ببيت تستقلي فيه بأولادك ولا يضايقك فيه أحد، فهذه وغيرها نعم خاصة اختصك الله بها، بجانب النعم العامة، فاحمدي الله واشكريه.
ثانيا: اعلمي أنه لا يوجد شخص -سواء رجل أو امرأة- يعيش بلا مشاكل في هذه الدنيا، سواء كانت مشاكل أسرية أو مالية أو غيرها، فإذا علمت كل ذلك، فأقول لك: إن أساس مشكلتك هي زواج زوجك بامرأة ثانية، وأنا أعلم أن هذا من أصعب الأمور على المرأة، ولا يقل عندها عن الطلاق، ولكن يجب أن تتذكري أننا مسلمون نعيش في مجتمع له دينه وتقاليده، وقد أباح ديننا هذا الزواج، وقد اشترطه بالعدل، وأنت لست مسئولة عن عدم العدل، بل هذا أمر يرجع إلى زوجك، والذي يهمك ويوجبه عليك دينك -أختي- ألا تنصاعي وراء عواطفك، وتفكري كما يفكر عامة النساء، بل يجب أن يكون تفكيرك هو تفكير المسلمة المؤمنة التي تحتسب أمورها عند الله وتسعى لمرضاة الله تعالى، وبهذا أطلب منك أن تغيري مجرى حياتك تماما، وتغيري تفكيرك في أمر الزواج، وتتقبليه بروح المؤمنة، وتقومي بواجبك كاملا تجاه زوجك، لا من أجله لكن من أجل ربك الذي أمرك بذلك، لتكسبي رضا الله أولا وأخيرا، فإن فعلت ذلك، فاعلمي أنك في جهاد دائم، أي لك أجر المجاهد، وأهديك أختي هذا الحديث: فقد عقد اجتماع نساء في المدينة لا لعمل احتجاج للرسول صلى الله عليه وسلم على زواج الرجال بالنساء، ولكن بحثا لمساواة الرجال في الأجر، وقررن في الاجتماع على انتخاب امرأة تمثل النساء، وتذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتخبره بما دار في الاجتماع، فذهبت إلى النبي وقالت له: (إني رسول النساء إليك، وما منهن إلا وتهوى مخرجي إليك، الله رب الرجال والنساء وإلههن، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء، كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أثروا، وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، فما يعدل ذلك من أعمالهم؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طاعة أزواجهن، والمعرفة بحقوقهم وقليل منكن من تفعله)، فانظري أختي إلى أن طاعة الزواج جهاد في سبيل الله؛ لأن في الجهاد عنت وتعب وابتلاء، كذلك في طاعة الزوج عنت وتعب وابتلاء كما هو حاصل لك، لكن المقابل أعظم من هذا، فإذا ماتت الزوجة وهي في طاعة زوجها ماتت شهيدة، وإن حييت فلها أجر الجهاد في سبيل الله .
وعليه أختي أرجو أن تصرفي النظر عن وساوس الشيطان، ودعي الزوج يتزوج، وأقبلي نحو ربك وطاعته، ونحو أولادك وتربيتهم، ونحو زوجك وخدمته، ووالله ستسعدين في الدنيا والآخرة.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات