السؤال
أنا لدي بعض الديون، وأنتظر حتى أتفرغ وأعرف الديون بالضبط؛ لأنني مشغول جدا، فهل ما أفعله من تأجيل صحيح؟ ولكنني أنوي -بإذن الله- أن أسدد كل الديون عندما أتفرغ.
وهناك أمر آخر، أنا أخاف أن أموت قبل تسديد الديون؛ لذلك هل أكتب ديوني في ورق وأكتب أسماء الذين لديهم عندي دين وعناوينهم حتى إذا توفيت يسدد الديون عني أحد آخر أم أتركها على الله وإذا توفيت يسدد الله الغني عني ما دمت أنوي أن أسدد الديون؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdelrahman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأن يسدد عنك الدين.
وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: من الأمور الخطيرة -أخي الفاضل- التساهل في إحصاء الدين، وعدم التعجل في سداده، ذلك أن الدين أمره خطير، فقد ورد في الحديث عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال. فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للرجل: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل -عليه السلام- قال لي ذلك).
بل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الشهيد لا يغفر له الدين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين)، بل أخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أن الدين يكون عائقا بينك وبين دخولك الجنة، فعن محمد بن عبد الله بن جحش -رضي الله عنه- قال: (كنا جلوسا بفناء المسجد حيث توضع الجنائز، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- رافع رأسه إلى السماء، فنظر، ثم طأطأ بصره، ووضع يده على جبهته ثم قال: سبحان الله، سبحان الله، ماذا نزل من التشديد؟ قال: فسكتنا يومنا وليلتنا، فلم نرها خيرا حتى أصبحنا. قال محمد: فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين، والذي نفس محمد بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل، ثم أحيي ثم قتل، وعليه دين، ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه).
ولا يخفى عليك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمتنع عن الصلاة عمن عليه دين حتى يقضى دينه فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته) لأجل ذلك -أخي الحبيب- يجب عليك أن لا تنشغل عن إحصاء دينك، هذا أولا.
ثانيا: اعلم -أخي الحبيب- أن الله سيعينك ما بذلت جهدك في سداد الدين، فقد أخرج البخاري في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها؛ أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها؛ أتلفه الله.
ثالثا: هناك معينات مع الأخذ بالأسباب المادية تعينك على السداد، ومنها الدعاء، ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة، قال: هموم لزمتني وديون -يا رسول الله-، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله -عز وجل- همك، وقضى عنك دينك، قال: قلت: بلى -يا رسول الله-، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، قال: ففعلت ذلك؛ فأذهب الله -عز وجل- همي، وقضى عني ديني.
رابعا: اكتب وصيتك –أخي- من فورك، فعن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، فعليك أن تكتب كل ديونك، وأن تجعلها في مكان آمن.
نسأل الله أن يسدد دينك، وأن يصلح حالك، والله المستعان.