أريد التوبة وترك أصدقاء السوء وأعود كما كنت، فماذا أفعل؟

0 156

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عمري الآن 29، ومتزوج من امرأة أجنبية، ولدي منها صبي ذو 5 سنوات، وبنت ذات 2 سنة، ولله الحمد، كنت ممن يداوم على عبادة الله، ومثابرا في عملي، وكنت محبوبا بين الناس جميعا، وبعدها قبل 3 سنوات تعرفت على أصدقاء السوء، وبدأت أخوض وأسهر وأخرج معهم، وأهملت عائلتي؛ كوني كنت أسكن مع أبي وأمي في نفس المنزل.

كنت أخرج للعمل صباحا، ومن بعد ذلك كنت أذهب مع رفاقي للعب، وإقبالي معهم للمعاصي، وغير ذلك، وبدأت أتعلم ما ينقصني من المعاصي، وأهملت عبادتي وأهلي وعملي، ولم يعد يهمني شيء سوى رفاقي ونفسي، إلى ما قبل شهرين فقد فقدت العمل، وأعلنت إفلاسي، فطلبت المعونة من رفاقي، فكان جوابهم –للأسف-: لا. ولم يكلمني أحد، وتركوني، وبدأت أشعر أني مكروه من بين الناس جميعا، ولا أحد يسأل عني سوى أبي وأمي.

قررت هجر رفاق السوء، ونويت أن أعود كما كنت بالسابق إلى أهلي وديني وربي، ولكن –للأسف- لم يعد في قلبي حب لدين الله ولعبادتي كما كان بالسابق؛ أتكاسل عن الصلاة، وما زال الكلام البذيء معلقا في لساني، وأشعر بقلة الإيمان بالله.

فرجائي ماذا أفعل؟ حتى ما حفظته من القرآن قد نسيته كله تقريبا، وذاكرتي ضعفت، ورزقي قل كثيرا، وأنا لا أعلم هل هو بلاء من الله أم غضب علي؟ أقسم أني نويت التوبة، وأن لا أعود إلى ما كنت.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يتوب عليك ويصلح الأحوال، وأن يباعد بينك وبين الحرام، وأن يحبب إليك الحلال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

أنت ممن ذقت حلاوة الطاعة، ثم تجرعت مرارة المعصية، وعشت خذلان رفقة السوء، وكفى بما حصل معك عظة وعبرة. واحمد الله الذي ستر عليك، ونبشرك بأنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده، وهو –سبحانه- غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا، فعجل بالرجوع، واحرص على أن تخلص في توبتك، وتصدق في أوبتك، وتعوذ بالله من توبة الكذابين، وهي أن يتوب اللسان ويظل القلب متعلقا بالمعاصي، ومتشوقا لأيامها، ومحتفظا بأرقامها وإيميلات رفقة السوء. و...

فاطرد اليأس، وتعوذ بالله من شيطان يوقع الإنسان في المعاصي، فإذا أراد التوبة وقف له حتى ييأسه من رحمة الرحيم، فعامل الشيطان بنقيض قصده، وثق بأن الصدق في التوبة، والإخلاص، واستكمال شرائط التوبة لا يجلب المغفرة فقط، بل الأمر -كما قال التواب الرحيم-: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}.

وأنت -ولله الحمد- تستطيع تدارك ما فات لأن الله يبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، فتب لربك الآن، وإياك والتسويف؛ لأن الله يستر ويرحم، ويستر لكن إذا تمادى العاصي في عصيانه فإن الله يمهل ولا يهمل، وهو سبحانه شديد العقاب، وقد يفضح ويخذل وربما حيل بين العاصي وبين التوبة و{لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واطلب دعاء والديك، واطلب مساعدة الزوجة، ودعاءها لك، واعلم أن طريق الجنة محفوف بالأشواك، ولكن بالصبر، واليقين، والاستعانة بالله؛ تبلغ أعلى المنازل، فكن حريصا على النجاح في الامتحان، وثق بأن الأمر يحتاج إلى الصبر، ونهنئك بالمشاعر التي دفعتك للرجوع، ولا تحاول الرجوع لرفقة السوء؛ فإنهم أخطر عليك حتى من الشيطان؛ لأنهم شياطين إنس لا ينصرفون عن الإنسان بسهولة، فاستعن بالله، واحشر نفسك في زمرة الصالحين، وتواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يهديك الصراط المستقيم.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، ونسأله أن يغفر الذنوب، وأن يجمعك بأسرتك، وأن يؤلف بين القلوب، وأن يستر العيوب.

مواد ذات صلة

الاستشارات