السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا بعمر (20) عاما، أمي وأبي منفصلان، فقد خلعت أمي أبي، وهذا للتوضيح، وكان ذلك قبل ولادتي بستة أشهر، تربيت عند أمي وجدتي، عائلة والدتي بعيدة كل البعد عن أسرة والدي، فأنا لا أعرف أي أحد منهم، حتى أبي نفسه لا أعرفه، لم أبادر بالسؤال عنه، ولم يتحدث أحدهم عنه أمامي، وأهل والدي كذلك لا يعرفونني، فأبي لا يسأل عني أبدا.
كان لدي فضول لمعرفة أبي، لكنني أخاف أن أسأل أمي عنه، وأخشى أن أحرجها، أو تظن بأنها مقصرة معي، أو تشعر بأنها حرمتني من شيء، لهذا السبب لم أسألها، حينما كنت في عمر (16)، تعرفت على بنات عمتي، وأحببتهن وعلاقتي بهن جيدة، فقد تقربت منهن، ثم تطورت علاقتتنا فأصبحت أذهب عندهن، وتعرفت على عماتي وأعمامي، وقد شجعتني والدتي على صلة رحمي، ولم تمنعني أبدا، علما أن علاقة والدتي مع عماتي وأعمامي جيدة، والجميع يحترمونها، ويتحدثون عنها بالخير فقط، ويحبونها كثيرا.
منذ أربعة أعوام والعلاقة رائعة، مشكلتي بأنني لم أسأل عن والدي، وهم لا يتحدثون عنه أمامي، كل ما أعلمه معلومات قليلة فهمتها منهم، وعلمت بأن علاقته ليست جيدة مع جميع عائلته، ويعيش بعيدا عنهم، ولا يراهم إلا في الأعياد، وقليلا هذه الأيام.
جمعت قواي وقررت المبادرة والسؤال، ولكنني أريد منكم التوضيح، أريد فتوى هل أنا مذنبة لأنني لم أسأل عنه طول هذه الفترة، ولا أريد أن أدخل النار أو أغضب ربي بسببه، فأنا فتاة مؤمنة -والحمد لله- أخاف الله وأصلي.
ساعدوني أرجوكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، وأشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونحيي والدتك على حسن التربية، وعلى التميز الذي جعل الجميع يحترمها، وقد أحسنت بتشجيعك على صلة الرحم، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
ها نحن نسجل إعجابنا بتجربتكم، ونؤيد سعيك للتعرف على الوالد، ونقترح عليك التواصل مع أعقل عماتك، وأقربهن إليك، وأكثرهن تدينا، وقدمي بين يدي طلبك الثناء على الجميع، وأكدي لها أنك لا تفقدين شيئا، وأن الجميع لم يقصر معك، ثم اطلبي منها جمعك بالوالد في الزمان والمكان المناسبين، ويفضل أن يسبق ذلك تهيئة لك بأن تحدثك عنه، وتحدثه عنك، وليس من الضروري أن يعرف الآخرون عن هذا الذي اتفقتما عليه.
اقترحي على عمتك التواصل معنا لوضع خطة مناسبة لإكمال مشروع التعارف، ونتمنى أن تحافظي على توازنك وتميزك، واشكري الله الذي رزقك أما رائعة وأهلا متفهمين، وأعماما وعمات يعرفون قدرك وقدر والدتك.
أما عن الإثم، فليس عليك إثم ولا ذنب، ولكنك ستكسبين الكثير من الحسنات في حال اهتمامك وسؤالك عن الوالد، وهذا ما ننتظره من المتميزات أمثالك، وللأبناء أيضا حق على آبائهم، وإذا قصر هو كوالد فلا تقصري أنت، ونتمنى أن يكون في تواصلك الخير الكثير لوالدك ولك.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونتشرف نحن في موقعك بمتابعة مسألتك، ونسعد بخدمتك، وكلنا لك في مقام الأب، ونتمنى أن يكون لنا دور في إسعادك، بل في لم الشمل إذا كان ذلك ممكنا، وليس عليك إثم ولا ذنب، ولكنك ستكسبين كثيرا من الحسنات في حال اهتمامك وسؤالك عن الوالد، وهذا ما ننتظره من أمثالك من المتميزات.
ونسأل الله أن يؤلف القلوب وأن يغفر الذنوب.