السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كيف ندخل الجنة بعد معاص وكبائر كثيرة، وبعد النميمة والغيبة؟
والله يئست، لا أريد الحياة، ولا أعتقد أن هناك أملا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كيف ندخل الجنة بعد معاص وكبائر كثيرة، وبعد النميمة والغيبة؟
والله يئست، لا أريد الحياة، ولا أعتقد أن هناك أملا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاطف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا ويسعدنا أن نلتقي بك -مرة أخرى- في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياك من أهل الجنة، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل-: فإنه مما لا شك فيه أن الناس لا يدخلون الجنة وعليهم ذنوب أو معاص ارتكبوها في الحياة الدنيا، لأن الله تبارك وتعالى جعل للجنة شرطا، وهو خلو الإنسان من المعاصي والذنوب، والدليل على ذلك أن آدم -عليه السلام- لما خالف أمر الله أخرجه الله تبارك وتعالى من الجنة.
إذا لن يدخل الجنة أحد وعليه معصية واحدة في صحيفة حسناته، إذا يبقى السؤال الآخر: ما الذي سيفعله الناس الذين لديهم المعاصي؟ لقد جعل الله تبارك وتعالى لهم عشرات السبل والطرق والوسائل التي بها يتخلصون من هذه المعاصي، فأنت أمامك باب التوبة، وباب التوبة هذا باب عظيم، جعله الله تبارك وتعالى رحمة بعباده، ويظل هذا الباب مفتوحا حتى تطلع الشمس من مغربها، وما من عبد أذنب مهما كانت ذنوبه وسأل الله أن يغفر له إلا غفر الله له، ولعلك سمعت بقصة هذا الرجل الذي قتل مائة نفس، ورغم ذلك أدخله الله الجنة.
إذا التوبة هذه من أهم الأعمال، ومعنى ذلك أنك تتوقف عن الذنب حياء من الله، وهذا أول شيء، ثم تعقد العزم على ألا تعود إليه، وتندم ندما شديدا على فعله، وتحاول أن تصلح من حالك بعد التوبة، بذلك يغفر الله لك كل ذنب مهما كان شأنه ومهما كان حجمه.
ثم بعد ذلك هناك باب الاستغفار، كذلك هناك باب الوضوء، كذلك هناك باب الصلاة، هناك باب المشي إلى المساجد، هناك باب الصدقات، هناك بر الوالدين، هناك صلة الأرحام، هناك قراءة القرآن، هناك الأذكار... هذه كلها وسائل متعددة يغفر الله بها الذنوب والمعاصي، كذلك الصيام والحج والجهاد في سبيل الله، لو نظرت في كل عبادة من هذه العبادات لوجدت أنه إضافة إلى الأجر المترتب على تنفيذها يعطيك الله جائزة أخرى وهي المغفرة والتوبة.
ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- على سبيل المثال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال أيضا: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال أيضا: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال أيضا في الحج: (الحج المبرور ليس له ثواب -جزاء- إلا الجنة) وقال: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة) إلى غير ذلك.
فالمطلوب منك ومني ومن كل مسلم أن يسلك هذه المسالك، وأن يجتهد في طاعة الله تعالى، وأن يعلم أن الله تبارك وتعالى قال: {وإني لغفار لمن تاب} إذا لو تاب الإنسان إلى الله تعالى توبة نصوحا لغفر الله له، ولو حافظ الإنسان على مجموع التكاليف الشرعية فكما ذكرت لك بكل تكليف من هذه التكاليف يغفر الله مجموعة من الذنوب، وهذا كلام مبسوط في كلام النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وتكلم فيه أهل العلم جميعا.
فإذا مسألة اليأس هذه التي تتكلم عنها حقيقة لا وجود لها، إذا كنت تفهم فهما صحيحا، فلا ينبغي أبدا أن يتطرق اليأس أو القنوط إلى قلبك؛ لأن لك ربا كبيرا، لك رب رحمن، لك رب رحيم، لك رب ودود، غفور، تواب، وهاب، رحمن رحيم، بر، يحب التوابين ويحب المتطهرين.
فما عليك إلا أن تترك الذنوب حياء من الله، وما عليك إلا أن تحسن الظن بالله تعالى، وأن تجتهد في تنفيذ أوامر الله على طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبشر بكل خير.
هذا وبالله التوفيق.