السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، لقد ارتكبت ذنبا في سن المراهقة، وهو أنني كنت أحادث شبابا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كنا نتعلق ببعضنا لفترات طويلة شيئا ما، وبعدها أشعر بالذنب فأتوقف عن التحدث معهم.
وكنت أبرر لأولئك الشباب تركي لهم بأسباب غير منطقية، ولكنني كنت أعود إلى هذا الذنب حتى تبت نهائيا عنه.
بعد فترة تقدم شاب لخطبتي، وتعلقنا ببعضنا، وسبحان الله كما تدين تدان، فالله كبير، ولا ينسى عباده المظلومين، لقد تركني خطيبي لأسباب غير منطقية، بعد يوم من فسخ خطبتنا وصلتني رسالة من شاب كنت أحادثه، وكأن الله يقول لي: لقد فعلت بك ما فعلتيه بالناس.
أنا أعلم بأنني أذنبت، والحمد لله لقد تبت، ولكني لا أعلم إن كان واجبا علي أن أتحدث مع هؤلاء الشباب من جديد وأطلب منهم المسامحة؟ لا أريد أن أحادثهم مرة أخرى، لأنني قد تبت عن هذا، ولكن في نفس الوقت أريد منهم المسامحة حتى لا أحمل ذلك الذنب إلى يوم القيامة، وحتى لا يدع علي أحد هؤلاء الشباب؛ لأنني ظلمتهم، ودعوة المظلوم لا ترد.
إنني أدعو لخطيبي السابق أن يسامحه الله، ويغفر له خطيئته، وأدعو الله أن لا يفعل به ما فعله بي، فإني عفوت عنه وسامحته، ولكن لا أعلم ماذا يجب علي أن أفعل مع القصص السابقة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ردا على استشارتك أقول: شكر الله لك -يا ابنتي- صراحتك، واعترافك بخطئك، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شجاعتك، وسمو نفسك، وبغضك للمعاصي، فتواصلك مع شباب أجانب خطأ كبير، وخيانة لثقة والديك بك، ولكن التوبة تمحو ما قبلها، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون، والله تعالى يقبل توبة عبده ما لم تبلغ روحه حلقومه، وما لم تطلع الشمس من مغربها.
ومهما كانت ذنوب العبد، فإن الله يغفرها كما قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا علىٰ أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ۚ إن الله يغفر الذنوب جميعا ۚ إنه هو الغفور الرحيم)، وإن تكرر الذنب من العبد بعد التوبة، أو ارتكب ذنبا آخرا ثم تاب، فإن الله يتوب على عبده، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (إن عبدا أصاب ذنبا فقال: يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي، فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبا آخر، وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال: يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي: قال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبا آخر، وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي: قال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فقال غفرت لعبدي فليعمل ما يشاء).
من شروط التوبة النصوح (الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على ألا يعود مرة أخرى) ومن توفرت فيه هذه الشروط تاب الله عليه، وغفر ذنبه، ولا يحاسب الله عبدا تاب توبة نصوحا.
- كون ذلك الشاب فسخ الخطوبة أمر مقدر، ولست أول من تفسخ خطوبتها، فهذا أمر طبيعي، بل هناك فتيات لم يذنبن ومع هذا فسخت خطوبتهن، فلا تتأثري بهذه الحادثة، وكوني على يقين بأن رزقك سيأتيك في الوقت الذي قدره الله لك.
- أكثري من الأعمال الصالحة كنوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك من أسباب تقوية الإيمان، وطمأنينة القلب، كما قال ربنا سبحانه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
- لست بحاجة للتواصل مع أولئك الشباب ولا الاعتذار وطلب المسامحة منهم فتلك ذنوب مشتركة ارتكبتموها وإنما تطلب المسامحة من الله الرؤوف الرحيم.
- احذري أن تتواصلي مرة أخرى مع أي شاب، واتخذي مما قد حصل الدروس والعبر، واحمدي الله الذي جعلك تتنبهين من خطورة التواصل، فأغلب الشباب الذين يتواصلون مع البنات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليس قصدهم سوى العبث بمشاعر البنات وعفتهن، ومن ثم تركهن يحترقن بنار المعصية وعار الفضيحة.
- الإسلام يريد من الفتاة أن تكون عزيزة مطلوبة، لا ذليلة طالبة، فمن أراد الزواج أتى البيوت من أبوابها، وليس طريق الإنترنت طريق للزواج.
- غيري رقم هاتفك، واقطعي تواصلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي فترة من الزمان.
- التحقي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، وصاحبي الخيرات من النساء، وشاركي معهن في الأعمال الاجتماعية والخيرية.
- تضرعي إلى ربك بالدعاء وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة أن يتوب عليك وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الحياة.
- يجب أن تتحري في توفر الصفات المطلوب توفرها في شريك حياتك، وأهم ذلك الدين والخلق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
أسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.