السؤال
السلام عليكم.
متزوجة منذ سنتين تقريبا، مشكلتي أن زوجي لا يصرف علي، بمعنى أنه لا يصرف على أكلي ولا شربي ولا لباسي؛ وذلك بسبب أن لدي مدخولا شهريا نفس مدخوله، وعلى سبيل المثال: إذا كان مصروف البيت يحتاج 4000 دينار، فإنه يجبرني على دفع 2000 دينار، مع العلم أننا لم نتفق على هذا من قبل، وهذا ليس كل شيء، فهو يضربني، ويشتمني إن أردت أن أزور أقاربي وأهلي في المناسبات، وأيضا عندما نذهب للمبيت في بيت أهله؛ فإن أمه وأخته يدخلان علينا دون استئذان، وتكرر الأمر عدة مرات، فأخبرته بأني منزعجة ومستاءة، وعليك أن تتحدث مع أمك وتقول لها بأن هذا الأمر عيب كبير، ولا يجب أن يتكرر، فقال لي هذه أمي، ولا أستطيع أن أقول لها شيء.
لم أخبر أحدا عما يحدث معي، فقد تزوجته رغما عن أبي لأنه يعرفهم جيدا، كما أشعر بأنه يوجد سحر أو عين بيننا -والله أعلم-، لأنه والله كان متيما بحبي، فهل أطلب الطلاق أو أصبر قليلا؟ فالمرأة إن لم تعش أجمل أيام حياتها في الأعوام الأولى من الزواج فمتى ستعيشها؟ عدا أنه لم يعد يبادلني الحب، وآخر شيء لا يريدني أن أنجب الآن، ويقول بعد 3 أو 4 سنوات، وأنا أعتقد بأن ربي سيحاسبني أيضا على نفسي التي أعذبها وأنا بجواره.
ساعدوني فأنا في حيرة كبيرة.
وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ alena حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول: نحن نتفهم -أيتها الأخت الكريمة- ما تجدينه من المشاعر نتيجة تعامل زوجك معك بهذه الطريقة، ونصيحتنا لك:
- ألا تطلبي الطلاق، وأن تصبري عليه، وابدئي بمحاورته برفق ولين حول موضوع النفقة، وأنها من واجباته، ولا بأس أن تتفقي معه على أن تشاركيه بمبلغ شهري كأن يكون ربع مرتبك، وما تبقى فهو مالك.
- كما أنه معلوم شرعا أن السكن والكسوة والنفقة للزوجة من واجبات الزوج، يقول تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم علىٰ بعض وبما أنفقوا من أموالهم ۚ )، وقال: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)، ولا يجب على الزوجة العاملة إلا إن يتفقا على ذلك، فيكون من باب أوفوا بالعقود، أو كان ذلك تكرما من الزوجة.
- يجب ألا تبني حياتك الزوجية على المشاحة في الحقوق، لأن ذلك يوجد النفرة بينك وبين زوجك، ويولد الكراهية، وينتج عواقب غير حميدة، وحينها يعض الإنسان على أنامل الندم، ولات ساعة مندم، وتعلمين أن السعادة ليست بجمع المال، وإنما براحة البال والقلب، ولو كانت السعادة تشترى بالمال لاشتراها من لا يجدها.
- الحياة الزوجية لا تستقيم إلا بالتسامح والتغافر والتغافل في حال حدوث أي تقصير، وهذا هو الذي يحفظ البيوت من الانهيار، ويبني السعادة الحقيقية بين الأزواج، وتمعني قول الله تعالى: (وإذ أسر النبي إلىٰ بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض)، وستجدين أن تلك الزوجة من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تحفظ سر النبي عليه الصلاة والسلام، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر لها ما أخبرت به ذكر لها بعضه وأعرض عن بعضه، وهذا من باب التغافل حفاظا على تماسك الأسرة، ويقول عليه الصلاة والسلام : (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا آذت أو أوذيت، جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول والله لا أذوق غمضا حتى ترضى)، ومعنى آذت أو أوذيت: آذت زوجها، أو آذاها زوجها، يعني سواء كانت ظالمة أو مظلومة فإنها تسعى لاسترضاء زوجها، فانظري إلى الأجر العظيم الذي جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- للتي تغض طرفها عما يصيبها من الأذى والظلم، وتقوم بالمبادرة بطلب الرضا من زوجها.
- إن أصر زوجك على أن تدفعي نصف مصاريف البيت؛ فابقي كذلك، ولا تعارضي، ولقني زوجك درسا في الكرم، ولعله يراجع نفسه يوما ما.
- أنت مأجورة على قيامك بالإنفاق على نفسك ومساعدتك لزوجك، وما خلق الله المال إلا من أجل هذه المواقف، فأحسني النية تؤجرين.
- أشعري زوجك بأنه لا فرق بينك وبينه، وأبلغيه بأن ما تنفقينه على نفسك أو عليه خير مما بقي بيدك، وبهذا ستحرجين زوجك، وتكسبين قلبه، وتسدين باب الشقاق والمهاترات التي قد تؤدي إلى هدم بيتكما.
- لا بأس أن تعرضا نفسيكما على راق أمين إن كنتما تشكان في وجود عين أو سحر، فالرقية الشرعية نافعة بإذن الله مما نزل ومما لم ينزل.
- قد يكون ضربه لك وشتمه إياك نتيجة لمطالبتك بالنفقة، فإذا اتفقتم على مبلغ معين، أو أشعرته بأنك لن تطالبيه بعد الآن، فلعل الشتم والضرب يزول تماما ويحل محلهما الحب والألفة.
- عندما تذهبون للمبيت في بيت أهله، قومي بإقفال الباب بنفسك؛ فإن ذلك سيمنع دخول أي أحد، فإن رفض زوجك، فالذي أراه أن تتأقلمي مع الوضع، وأن تكوني حريصة من أي مفاجأة دخول، فأنتم لا تذهبون يوميا إليهم، وزوجك قد لا يستطيع أن يكلم أمه بهذا الكلام، ويرى أنه ليس من البر أن يمنعها من الدخول عليه في أي لحظة.
- نصيحتي أن تقتربي من زوجك أكثر، وأن تتجملي له، وتقومي بخدمته على الوجه المطلوب، وأحسني توديعه واستقباله، وابقي على تواصل دائم معه، وبثي له مشاعرك، ولا تجعلي المال يعكر صفو حياتكما.
- وثقي صلتك بالله تعالى، فحافظي على الفرائض، وأكثري من الأعمال الصالحة، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
- أكثري من تلاوة القرآن العظيم وسماعه، وحافظي على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك من أسباب اطمئنان القلب كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
- أخيرا: نصيحتي أن تحلي مشاكلك بنفسك، وألا تجعلي أحدا يتدخل طالما وأنت قادرة على حلها، فدخول طرف ثالث قد يفسد عليك حياتك، فتدخل طرف ثالث لا يكون إلا في حال صارت الحياة مستحيلة، وبشرط أن يكون من أصحاب الحكمة ورجاحة العقل، ويكون ممن يسعى للإصلاح.
أسأل الله تعالى أن يؤلف بينك وبين زوجك، وأن يلين قلبه، ويعمق بينكما المحبة، وأن يصرف عنكما نزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.