الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كل مشكلة بسيطة يحولها زوجي إلى صراخ وإهانات!

السؤال

السلام عليكم.

أنا امرأة متزوجة، ولدي طفلان، وأعمل معلمة، زوجي رجل محترم، لكن حديثاً منذ قرابة العام أصبحت بيننا مشاكل ترتب عليها أنه ضربني مرة على وجهي، ويسبني وأهلي.

المشاكل التي حدثت بسيطة، ولا تحتاج أن تُكبَّر لهذا الحد، أنا لا أريد أن أذهب لأشكوه لأهلي، ولا أرغب بإدخال أحد غريب في مشاكلي الزوجية؛ لأني إذا أخبرت أهلي سيكبر الموضوع؛ وأنا لدي أطفال ولا أريد أن أضعهم في مواقف كهذه، لكن للأسف لاحظت أن زوجي أصبح يتمادى في طريقة تعامله مع المشاكل.

يعني تكون المشكلة بسيطة فيحولها إلى صراخ، وسب وإهانات، وأغلب المشاكل على المال فأنا أساهم في كسوة وتدريس الأولاد، وكل شيء يتعلق بي، وجزء من مصروف المنزل، وهو يخترع مشاكل أخرى لكني أعرف أن السبب هو المال.

فضيلة الشيخ: أنا لا أريد لبيتي أن ينهدم، أو أن يعيش أولادي تجربة طلاق -لا قدر الله-، وفي نفس الوقت أصبحت حياتي تتحول إلى جحيم مع كل مشكلة تحدث بيننا، أصبحت المحبة تقل ويتولد بدلاً منها كرهٌ شديدٌ.

وأصبح زوجي يتحول إلى رجل سيئ ويتمادى؛ فماذا أفعل لأصلح حال بيتي دون أن أدخل أحدًا بمشاكلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ريان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نتفهم تمامًا حديثك، والألم الذي لحق بك، كما نثمن فيك الحرص على عدم تدخل الأقارب أو غيرهم للإصلاح؛ وإن كان تدخلهم مهمًا في وقت من الأوقات؛ إلا أن اللجوء إليهم يكون بعد استنفاذ كل الجهود المتاحة.

أولاً لا بد أن نقرر أمرين:
1- إصلاح العلاقة الزوجية بين الزوجين وفي الإطار الضيق هو الأفضل.

2- عند عدم الاستجابة من الطرفين، أو أحدهما، فإن تدخل الحكمين كما عبر القرآن من أهلك وأهله هو الحل الأمثل؛ لأن المشاكل متى ما تفاقمت من دون معرفة الخطأ؛ فإنها ولا شك تتمادى وتتمدد.

ثانيًا: ما فعله الزوج من إهانات أو ضرب أمر لا نقره، ولا يرتضيه الشرع، وكلامنا القادم ليس تبريرًا له بقدر ما هو نظرة أفقية مصاحبة لنظرة مستقبلية استغلالها سيكون فيه الصالح للأسرة بأمر الله تعالى.

ثالثًا: أول ما ننصحك به -أختنا- هو: الحذر من خطوات الشيطان في تضخيم المشاكل وإظهارها أكبر من حجمها، فإن هذا دأبه في مثل هذه المواطن أملاً في وصول الطرفين إلى اليأس من الإصلاح، وهنا يكون البيت على بركان ساخن تعصف به الريح عصفًا، أعاذك الله وزوجك والمسلمين من ذلك.

رابعًا: قد ذكرت أن زوجك رجل محترم، وأن العام الأخير هو الذي تفاقمت فيه المشاكل، لذا نرجو منك كتابة التغيرات التي حدثت في هذه السنة، والاجتهاد في معرفة تلك الانعطافة؛ لأنه بلا شك هناك ما غير الزوج: إما ضغط زائد، أو مشكلة عارضة، أو طريقة في الحديث أرهقته، المهم أن نتعرف على المشكلة الحقيقية التي انحرفت بالبيت إلى ما وصل إليه.

خامسًا: نرجو منك حصر أخطائك تجاه زوجك، فليس أحد منا خالياً من الأخطاء، والعاقل هو من يراجع بصورة دورية مواطن الزلل ويجتهد في معالجتها، مع التأكيد على أن أحد أهم مدمرات الحياة الزوجية عدم التطلع على أخطاء الذات في الوقت الذي نضخم فيه أخطاء الغير، وهذا أمر خطير من زاويتين:

1- أنه يضخم الذات حتى تستشعر الزوجة بعد فترة أن هذا الزوج لا يستحقها، وهنا تكون الكارثة.

2- أنه يبغض لها الحياة حتى تكاد أن تتوقف عن أي عمل إيجابي بسبب هذا الشعور المتزايد.

وعليه فإذا أردنا الإصلاح فلا بد من معرفة جوهر المشكلة عن طريق التصريح لا التوقعات، أو التخمينات، وعليه فإننا ندعوك إلى ما يلي:

1- القناعة التامة بأنه لا يوجد بيت بلا مشاكل، ولا توجد حياة بلا منغصات، والعاقل هو من يتعامل مع المشاكل على قاعدة: ما نقدر على إصلاحه نصلحه، وما لا نقدر على إصلاحه نتعايش معه.

2- تعميق علاقتك وزوجك بالله عز وجل، والاجتهاد في الابتعاد عن المعاصي، فإن الشيطان أمكن في البيت الذي لا يذكر الله فيه إلا قليلاً، كما ننصحك بالمحافظة على الأذكار صباحًا ومساءً، وقراءة سورة البقرة كل ليلة، أو الاستماع إليها، كما نوصيه كذلك بالمحافظة على أذكاره، فالقلب المتغير ربما يكون أحد أسبابه: الحسد، أو العين.

3- زراعة الحوار في البيت حتى في مثل هذه الظروف أمر هام، اجتهدي أن تتحدثي مع زوجك، وأن تبرزي له الأمور الإيجابية في حياته، وأن تمدحيه كثيرًا، فإن الرجل أسير المدح. وهو إذا رآك تمدحينه، واعتاد على ذلك منك ربما سيتغير حاله ويبدأ في الحديث معك، ونحن نوصيك إذا تحدث ألا تقاطعيه، ولا توقفيه بل دعيه يقول ما يشاء، ولو كان الحديث كله أخطاء؛ لأن الحديث في حد ذاته نصف العلاج.

4- نريدك أن تذكري له أن الحياة الزوجية لا بد فيها من مراجعات حتى نتدارك الأخطاء ونبني على الإيجابيات، ثم تطلبي منه أن يكتب لك كل السلبيات التي يجدها فيك، وستلاحظين أن بعضها صحيح، والبعض الآخر خطأ، وأكثرها أمور لم تفهم أو لم تقصد، لكن كل هذا جيد؛ لأنه سيعطيك النظرة العامة التي ينظر بها زوجك إليك.
وإذا طلب منك أن تكتبي سلبياته فلا تذكريها له كاملة، بل اكتبي الأهم، وفي ورقة واحدة على أن يكون ثلثها الأول إيجابيات، والأوسط السلبيات، والأخير حبك له وتقديرك لتعبه.

5- قد فهمنا أن أغلب المشاكل سببها المال، لذا نرجو منك الاجتهاد في الترشيد على قدر الطاقة، واختيار الوقت الأنسب للحديث عن الضرورات، وعدم وصول الحوار إلى الجدال، هذا هو الطريق إلى وأد الخلاف، أو التقليل من آثاره.

وأخيرًا: نرجو أن تفعلي ما مر ذكره مع المحافظة على الأذكار، كما نوصيك بكثرة الدعاء أن يهدي الله عز وجل الحال، وأن يصلح الزوج، وأن يشرح صدره، وأن يصرف عنكم الشيطان، ولا تيأسي من روح الله.

وفقك الله –أختنا- لكل خير، والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات