الخوف والشعور بالانفصال عن الواقع .. ما علاجهما؟

0 322

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 20 عاما، عانيت من اضطراب الأنية منذ خمس سنوات بعد صدمتي بوفاة والدي -رحمه الله-، على الرغم من أنني كنت أعاني من الخوف والقلق إلا أنني لم أكترث كثيرا، وتعايشت مع الأعراض وشعور الانفصال الخانق، وبعد دخولي إلى كلية الطب، ومع ضغوط الدراسة اشتدت الأعراض والخوف وتطورت إلى درجة صرت أشعر فيها بالتنميل في جميع جسدي، وأخاف من المشي، علما أنني لم أستسلم، ومارست حياتي رغم ما أعاني.

منذ ثلاثة أسابيع كان عندي امتحان صعب، اجتزته -بفضل الله- وكنت خائفة جدا منه، وكنت أعاني مع القولون العصبي، بعد الامتحان وبعد عودتي إلى المنزل ليلا أحسست بالأعراض تشتد في جسدي مع شعوري بالتنميل وتسارع نبضات القلب، وضيق التنفس، شعرت بالانفصال وعدم الواقعية إلى درجة أني لم أستطع التحمل، فصرخت بأعلى صوتي، كان موقفا غير متوقع، بعد هذا الأمر صرت طريحة الفراش ولا أخرج من الغرفة أبدا. وأكملت ثلاثة أسابيع على هذا الوضع، حتى الامتحان لم أتمكن من الذهاب لتأديته، ليس لدي طاقة لتحمل الخوف وشعور الانفصال، أخاف أن أفقد السيطرة على نفسي، أصبح الضوء يزعجني وحتى الحديث مع عائلتي لا أطيقه، لا أطيق صوتي ولا حتى نفسي.

تعبت من هذه المشاعر، علما أنني بحثت في الإنترنت وتبين بأن الانفصال عن الذات من أعراض القلق النفسي، وفعلا أنا قلقة ومتوترة وخائفة دائما، ولكن لم يحدث بأنني شعرت بالعجز مثل الآن، أرجوكم ساعدوني لتخطي المحنة على الأقل، وحتى أنهض من السرير وأذهب إلى الطبيب.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل الإنسان الذي لديه الاستعداد للقلق وليس له تحمل نفسي كبير تحدث له مثل الأعراض التي حدثت لك، أعراض القلق، الخوف، التوتر، الانفصال عن الذات، أو ما يسمى بـ (اضطراب الأنية Depersonalization) هذا كله يحدث حقيقة، وهذه الحالات -إن شاء الله تعالى- ليست حالات مستعصية، وكثيرا ما تكون حالات عابرة.

تفهم طبيعة الحالة في حد ذاته يعتبر نوعا من العلاج، أن تفهمي أنك تتفاعلين لظروف حياتية بدأت بوفاة والدك -رحمه الله- ثم بعد ذلك أتت الضغوط الحياتية هنا وهناك، وهذه أدت إلى ما نسميه بعدم القدرة على التكيف وعدم القدرة على التواؤم النفسي، والذي ظهر في شكل أعراض قلقية وتوترية كما ذكرنا.

الحالة -أيتها الفاضلة الكريمة- حالة يمكن أن تعالج من خلال إرادتك، من خلال إصرارك على تجاهلها، وألا تتقاعسي أبدا في واجباتك الحياتية، وأن تكوني إنسانة فاعلة، منتجة، تديري وقتك بصورة حذقة وبإجادة تامة، وتحرصي على أمور دينك، وتكوني بارة بوالديك، وتكون أمامك خارطة طريق واضحة جدا لإدارة وقتك في المستقبل، وأن تضعي برامج لتصلي إلى ما تطمحين إليه -بإذن الله تعالى-.

تطبيق التمارين الاسترخائية يعتبر مهما جدا، والتعبير عن الذات وعدم الكتمان؛ لأن الكتمان في حد ذاته يؤدي إلى احتقانات داخلية.

بالنسبة لوفاة والدك -عليه رحمة الله- عليك أن تدعو له بالمغفرة والرحمة، الابن الصالح يدعو لوالده بعد الموت، وهذا عمل عظيم -إن شاء الله تعالى- لا ينقطع، وتصدقي له حتى ولو بالبسيط، وبري من كان يبرهم قدر المستطاع؛ هذا يعطيك شعورا داخليا بالمردود الإيجابي مما يخفف عليك هذا الذي أنت فيه.

أيضا أريدك أن تذهبي للطبيبة لتصف لك أحد مضادات القلق، العقار الذي يعرف تجاريا باسم (تفرانيل Tofranil)، ويعرف علميا باسم (امبرامين Imipramine)، وهو من الأدوية القديمة، سيكون مفيدا جدا لك، والجرعة هي خمسة وعشرون مليجراما، تناوليها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله. ويمكن استبداله ببدائل أخرى مثل (ديناكسيت Denaxit) مثلا، لكن الإمبرامين أراه مناسبا جدا ومتوفرا قطعا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات