السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما، منذ صغري كنت أعمل مع والدي في مجال تجارة الملابس، عندما وصلت لسن الـ 20 ضاق صدري من هذا العمل، قلت سأصبر، ولكن ضاق صدري أكثر فأكثر، وفي يوم تشاجرت مع أبي في شيء من العمل، وكنت تقريبا مقصرا فيه؛ لأني لا أحب العمل في الملابس، فتركت العمل في هذا اليوم، وذهبت إلى المنزل وأخذت ملابسي، وخرجت ولم أعد إلى هذا الوقت إلى البيت مجددا، ولكنني أزور أمي من وقت لآخر يوما في الأسبوع، كنت أظن أنني إذا تركت أبي سوف ينشرح صدري في أن أبحث عن عمل، وأعمل لنفسي دخلا، وأنا لا أستطيع أن آخذ أي فلوس من أحد إلا من تعبي.
لكي أكون صادقا معك -يا شيخ- أنا بعيد عن ربي، ولا أصلي، ويلاحقني عن طريق المراسلة صديق والدي وخالتي ليقنعاني بالرجوع إلى المنزل، وأنا حائر ماذا أفعل؟ وأفكر كثيرا في عمل أي شيء لينفعني في المستقبل.
أرجو الرد والمساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdelrhman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول:
- أنت الآن رجل راشد، بل لقد كنت راشدا من قبل؛ فكان من الواجب عليك أن تستقيم على أمر الله، وتؤدي ما افترض الله عليك، وأهم ما افترض الله بعد توحيده الصلاة، فهي ثاني أركان الإسلام، وهي الفرق بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر) ويقول: (الفرق بين الرجل والكفر أو الشرك الصلاة).
- طاعتك لوالدك واجبة، وقد قرنها الله بتوحيده فقال: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ۖ وبالوالدين إحسانا} وقال: {وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ۚ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما}، وقال: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}، فإذا كان الله قد أمرنا بخفض الجناح للوالدين ونهانا أن نقول لهما أو لأحدهما أف فما بالك بمن يتشاجر معهما ويصرخ في وجههما.
- والدك هو السبب في وجودك وهو أحرص الناس على تربيتك التربية السليمة وتوجيهك التوجيه الصحيح، ولا يوجد أحد يريد أن تكون أفضل منه غير والدك، فلم تتضجر من توجيهاته ومهما بذلت لوالدك فلن تعطيه حقه أبدا.
- لقد ارتكبت خطئا كبيرا أنك تركت العمل مع والدك، وخرجت من البيت دون إذنه، فأنت الآن عاص وعاق لأبيك.
- كن على يقين أنك لن تحس بالسعادة، ولن تستقيم لك الحياة، ولن يهدأ لك بال؛ ما لم تتب إلى الله، وتبدأ بتأدية الصلاة؛ فهي مفتاح كل خير، فإذا صليت ستنحل كل مشاكلك.
- لن يرتاح ضميرك، ولن يبارك الله لك في عمرك، ولا في رزقك ما لم ترجع إلى والدك وتقبل يده ورأسه، وتطلب منه الرضا وتعود للعمل معه، فبر الوالدين من أسباب بركة الرزق والعمر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن ينسأ له في أثره ويبارك له في رزقه فليصل رحمه)، ثم إنني أخشى أن يعاقبك الله ويبتليك في ذريتك، فيتعامل معك أبناؤك كما تعاملت مع والدك فالجزاء من جنس العمل.
- عقوق الوالد معصية، والمعاصي تحرم الإنسان من الرزق كما قال عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
- لو افترضنا أنك وجدت عملا هل تتوقع أن صاحب العمل لن يرفع صوته عليك إذا أخطأت؟ وإذا رفع صوته، فهل ستشاجره أم أنك ستهرب إلى عمل آخر؟ وإلى متى ستبقى على هذه الحال؟ أليس توجيهات والدك وإن رفع صوته عليك بسبب تقصيرك أولى بأن تتقبلها بصدر رحب؟
- تفاهم مع والدك بحيث يحتسب لك مرتبا أو نسبة من الربح إن كنت متفرغا للعمل معه دون إخوانك، وحتى لا تظلم، ومن أجل أن تعمل بجدية وتتحمل المسئولية، وتحس بأن المال مالك، ولكن اجعل هذا الأمر بواسطة صديق والدك أو أحد أقاربك ممن يحترمهم والدك.
- أكثر من نوافل الصلاة والصوم، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة كما قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
- اجعل لنفسك جزءا من القرآن يوميا بحيث تقرأ ذلك في وقت فراغك، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجعل قلبك في غاية الطمأنينة كما قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
- عليك بالدعاء وأنت ساجد، وفي أوقات الاستجابة فادع الله أن يشرح صدرك، ويفرج همك ويصلح بينك وبين والدك، ويهديك ويحبب إلى قلبك الإيمان ويزينه فيه ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان ويجعلك من الراشدين.
- أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهما من أسباب تفريج الكروب والضوائق كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك).
أسأل الله تعالى أن يهديك ويردك إليه ردا جميلا، ويوفقك ويصلح ما بينك وبين والدك، إنه سميع مجيب.