السؤال
السلام عليكم.
سنوات مرت ومضت وما زلت إلى الآن أعاني من العادة السرية والمواقع الإباحية، في الأول لم أكن أصلي، لكن بعدها صليت ثم انقطعت، وفي السنة الماضية في رمضان عدت إلى الصلاة، كنت أصلي في المنزل ثم أصبحت أصلي كل الصلوات في المسجد حتى الفجر، وفي تلك الفترة انقطعت لعدة أشهر عن العادة السرية والأفلام الإباحية، لكن في الفترة الأخيرة عدت إلى تلك المحرمات، لكني قطعت وعدا مع ربي على أني مهما عصيته فسأبقى محافظا على صلاتي.
في السنوات الأولى كنت مدمنا كل يوم، لكن في السنوات الأخيرة وإلى حد اللحظة لم أعد مفرطا بهذه العادة لكن أظل حزينا وخائفا عند ارتكاب هذه المعاصي، وأصبحت رويدا رويدا أعود إليها وأصلي صلواتي في المنزل، وفي بعض الأحيان في المسجد، كنت قد حلفت أن أتوب عن هذه العادة لكني رجعت وندمت من جديد، أريد حلا للابتعاد عن هذه العادة نهائيا، وأتوب إلى الله عز وجل لعلي أكسب مغفرته ورضاه.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوفقك لتوبة صادقة نصوح، يغفر الله بها لك ما سلف من ذنوبك، ويبدل سيئاتك حسنات.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم- فأنا أرى أنك -بإذن الله تعالى- على خير، وأنك إلى خير، وأنك نجحت مرات عديدة في التغلب على هذه المشكلة، وواثق -بإذن الله تعالى- أنك تحتاج إلى شيء بسيط من العزيمة أكثر مما مضى لتتخلص نهائيا من هذه العادة السيئة ومن تلك المعاصي المحرمة، فأنت إنسان عظيم، نجحت في أمور فشل فيها الكثير من الناس، نعم وإن كان نجاحك ليس كاملا، ولكن هي محاولات رائعة ومحاولات رائدة، واستطعت فعلا أن تتغلب بها على نفسك وعلى هواك، وأن تصفع الشيطان بالنعل، حتى وإن كنت رجعت مرة أخرى، فأنا أقول: هذا كله دليل على أنك قادر على التخلص النهائي من هذه المعاصي كلها بإذن الله تعالى.
ولكن الذي أود أن ألفت نظرك إليه أن المحافظة على الصلاة تفيدك، لأن الصلاة عبارة عن طاقة إيمانية تقويك، فعندما تترك الصلاة ستضعف، وبالتالي سيهزمك الشيطان وتهزمك نفسك الأمارة بالسوء، أما المحافظة على الصلاة فأنت تستمد القوة من ربك وسيدك ومولاك الذي يعينك على الانتصار على نفسك وشهواتك والشيطان، أما لو تركت الصلاة فأنت بذلك كما لو كان رجلا عنده خط دفاع تخلص منه أو تم القضاء عليه فأصبح مكشوفا للعدو، والعدو يلعب به كما يشاء. فتركك للصلاة كأنك تسلم نفسك للشيطان وللهوى.
ولذلك الذي أنصحك به المحافظة على الصلاة، وفي المسجد، كما كنت قد فعلت في فترة من الزمن، حاول أن تقاوم وبكل قوة، حتى وإن وقعت في هذه المعاصي فأحدث توبة، كما ذكرت أنت، لأنك فعلت ذلك في فترة، أتمنى أن تعود إليها، الصلاة أولا، وثانيا، وعاشرا، والصلاة في جماعة، حتى صلاة الفجر، وأنت في الطريق إلى المسجد ألح على الله تبارك وتعالى أن يعينك على التخلص من هذه المعصية، وأنت ساجد بين يدي الله تعالى، بين الأذان والإقامة، وبعد الصلوات، لأنك أنت في الصلاة تتطهر، ويعطيك الله تبارك وتعالى قوة عجيبة، ولذلك الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين حتى في حالات الحرب بأن لا يتوقفوا عن الصلاة، لأن الصلاة صلة بينك وبين الله تعالى، وتعطي قلبك قوة على المقاومة، وقوة الإنسان في قلبه ليست في عضلاته، والدليل على ذلك أنك تجد بعض الناس ضعيف البنية ولكن قلبه حديد لا يخاف أحدا، وبعض الناس ما شاء الله قد يكون جسمه ضخما ورغم ذلك يخاف من الذبابة أو من النملة.
فإذا العبرة بقوة القلب، وقوة القلب لا تأتي إلا بالطاعة، فأنا أوصيك بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، مع الاجتهاد في الدعاء والإلحاح على الله تعالى، ثم تبحث عن العوامل التي تضعفك، ما هي الأشياء التي لا تستطيع بها أن تقاوم الرغبة المحرمة، إذا كانت مثلا وجود الإنترنت، أو الكمبيوتر في غرفتك، أخرجه من الغرفة وخذ قرارا بذلك، إذا دخول للإنترنت في الليل خذ قرارا على ألا تدخل إلى الإنترنت ليلا مطلقا، إذا كان عند أحد تذهب إليه، لا تذهب إليه، حتى تكون جادا وتستطيع أن تعان فعلا، لا بد أن تبحث عن الأسباب التي قد تؤدي إلى ضعفك، وقطعا أنت تعرف هذه المسائل، وأنا أعرف، كل واحد منا يعرف الأسباب التي تؤدي إلى ضعفه.
فأنا أتمنى -بارك الله فيك- قبل أن نفكر في الترك نفكر في الأسباب التي تؤدي إلى الضعف، ثم تغلق هذه المنافذ تماما، وبإذن الله تعالى أنا واثق أنك ستنجح.
مثلا إذا دخلت مبكرا إلى الفراش تشعر بالرغبة في فعل هذه العادة لا تدخل إلى الفراش إلا عند غلبة النوم الشديد، وإذا كنت مثلا تتقلب في الفراش صباحا، أول ما تستيقظ قم من فراشك مباشرة، إذا كانت في دورة المياه، لا تدخل الحمام إلا إذا كنت في حاجة ماسة لقضاء الحاجة، وما أن تقضي حاجتك حتى تخرج فورا، عندما تضع يدك مثلا قريبا من عورتك وتثار، لا تضع يدك مطلقا، وحاول أن تجتهد في ذلك قدر الاستطاعة، مع الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعينك، لأنك بذلك ستكون متوكلا على الله، تأخذ بالأسباب وتدعو الله تعالى أن يعينك وأن يوفقك، وثق وتأكد من أنك ستنجح، وأنا واثق أنك ستنجح، فخذ قرارا بالنجاح من الآن، وأبشر بتوفيق الله وتأييده لك ومغفرة الله لك إن تبت توبة نصوحا صادقة.
هذا وبالله التوفيق.