السؤال
السلام عليكم.
أنا ارتكبت معصية، وكنت دائما عليها، وهي الاحتكاك بأجسام النساء أو الفتيات بالمواصلات العامة (تحرش)، ولكن تعرضت مرة للإهانة؛ مما أفاقني، وندمت ندما شديدا لدرجة البكاء، مع العلم أنني كل مرة كنت أندم على ذلك، ولا أعلم لماذا أفعل ذلك؟! هل هو مرض نفسي أو شيء آخر؟
مع العلم أني أصلي، ومتزوج، وفي النهاية أنا ندمت، ولكن أريد أن أسأل عن الذنب الذي ارتكبته في أولئك النساء مع حكمه بعد التوبة، هل يغفر الله ذنبهم، مع العلم أني لا أتمكن من الوصول لهم؛ لكي أطلب منهم المسامحة، أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يتقبل توبتك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فاعلم أن الله تبارك وتعالى وعدنا بأن من تاب إليه وأناب ورجع إليه نادما على ما فعل أن يغفر له، وأن يتجاوز عن سيئاته، وقد يتفضل عليه بأن يبدل سيئاته حسنات، ولذلك قال: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}، وقال أيضا: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}، وقال أيضا: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الندم توبة)، ويقول: (من تاب تاب الله عليه).
فما دمت قد توقفت عن هذه المعصية -بارك الله فيك- وأقلعت عنها وندمت على فعلها، فاعلم أن الله الجليل جل جلاله سبحانه يغفر لك هذه الذنوب كلها.
أما فيما يتعلق بالطرف الآخر فهذه ليست قضيتك، وإنما هم قد حدث معهم ما حدث، وإذا كانوا راضين فلهم الحكم، وإذا كانوا غير راضين ومكرهين واستحوا أن ينكروا عليك الذي كنت تفعله فلهم حكم آخر، والعبرة بك أنت؛ لأنك كنت أنت الفاعل، وكنت أنت المعتدي، فعليك -بارك الله فيك- فعلا أن تتوب توبة صادقة نصوحا، وأول شيء من شروط هذه التوبة:
• التوقف عن هذه المعصية نهائيا.
• ثانيا: الندم على فعلها ندما شديدا، وأن تتذكر أنه كان من الممكن أن يفضحك الله فضيحة لعلها تشهر على مواقع الإنترنت وعبر صفحات الجرائد، ولكن الله ستر عليك.
• ثالثا: عقد العزم على ألا تعود إليها مطلقا.
• رابعا: أن تتركها حياء من الله تبارك وتعالى وحده، وخوفا منه عز وجل، وليس خوفا من أي شيء آخر.
إذا صدقت توبتك فاعلم أن الله تبارك وتعالى سيغفر لك ويتوب عليك، وإن كنت جادا فيها وتحسنت حالتك بعد ذلك فاعلم أن الله تبارك وتعالى قد يبدل سيئاتك حسنات.
وأصحاب الحقوق هؤلاء سيأتي بهم الله يوم القيامة؛ ليطلبوا حقهم منك؛ لأنك آذيتهم، واعتديت على أعراضهم وأجسادهم، وهنا إذا كانت توبتك صادقة سوف يتحمل الله عنك حقوق هؤلاء الناس جميعا، ولن يعاقبك ما دمت قد تبت توبة نصوحا ورجعت إليه.
فالأمر بيدك، والكرة الآن في ملعبك، وأنت الذي تستطيع أن تبدل سيئاتك حسنات بالتوبة النصوح والإنابة والرجوع إلى الله، وأنت الذي تستطيع أن تنجو بنفسك من عقاب الله تعالى، بل أنت الذي تستطيع أن تحافظ على عرضك؛ لأن هذه القضايا التي ذكرتها من الممكن أن تحدث لأقرب الناس إليك، لزوجتك أو لابنتك أو لأختك أو لأمك، ولن يجدوا أحدا يسعفهم عندما يقف وراءهم إنسان منعدم الضمير كما كنت تفعل.
فتوبتك الصادقة ستحفظ عليك هذا كله -بإذن الله تعالى- وأسأل الله أن يثبتك على هذه التوبة، وأن يغفر لك، وأن يتوب عليك، إنه جواد كريم، ولا تنس قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
هذا، وبالله التوفيق.