أجلس وأتكلم مع خطيبتي كثيراً، فهل هناك حرج؟

0 484

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 21 عاما، خاطب بنت خالتي، ليس غرض الخطوبة أن أتعرف عليها؛ فأنا أعرفها جيدا بسبب صلة القرابة، ولكن غرض الخطبة هو أن أحجزها لمنع تقدم أحد إليها لحين إنهاء دراستي؛ فأنا أريدها بشدة، ونيتي الزواج بها.

في بعض الأوقات آخذ منها قبلة، وأقول: ستكون هي حلالي، فالأمر عادي لو قبلتها، والكل يعرف أن الغرض من الخطبة أن أقفل باب تقدم الخطاب لحين انتهائي من دراستي وأتزوجها، فما الحكم في ذلك؟ وما الحكم إن كنت أجلس معها كثيرا مع وجود محرم لها؟ وما حكم الكلام في الهاتف كثيرا بيني وبينها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك من أنك خاطب لابنة خالتك، وأن الدافع للخطوبة إنما هو منع أحد من التقدم إليها لحين الانتهاء من دراستك، وأنت تريدها بشدة، وتنوي الزواج بها كما ذكرت. هذا في حد ذاته ليس فيه شيء، ولكن شريطة أن تعلم -أخي بارك الله فيك- أن الخطبة لا تبيح لك أي شيء من ابنة خالتك هذه، فهي شأنها شأن أي إنسانة أجنبية، لأن الخطبة ليست زواجا، وإنما هي وعد بالزواج، ولذلك طول الخطبة ليس حسنا، لأنه قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام كما ورد في رسالتك الآن من أنك تقبلها، وتقول (ستكون هي حلالي، فالأمر عادي لو قبلتها) لا، هذا ليس صحيحا؛ لأنها أجنبية عنك، وأنت أجنبي عنها تماما، ولا يجوز لك حتى مجرد مس يدها ولا الجلوس معها وحدكما، وحتى الإكثار من الجلوس في حضور المحارم ليس حسنا؛ لأنه يؤدي إلى تعلق الفتاة بك، وتعلقك بها، وقد يفسد عليك دينك، ويضرك في دنياك أيضا؛ لأن انشغال القلب -أخي الكريم- يؤدي إلى تفويت مصالح عظيمة حقيقة من أمور الدين والدنيا معا.

لذلك أنا أقول -بارك الله فيك-: ما دمت قد خطبتها وحجزتها لنفسك، وأهلها قد وافقوا على ذلك، وهي ليس لديها مانع، أنا أرى أن تتوقف عن هذه الأشياء التي تفعلها تماما، وأن تحافظ عليها محافظة شديدة، وإذا رغبت فعلا في أن تتعامل معها بهذه الطريقة فاعقد عليها حتى تكون زوجة لك، وفي تلك الحال لو أنه حدث بينك وبينها أي شيء - ما عدا الجماع - فإن الأمر سيكون مباحا شرعا، أما الذي فعلته الآن فهو حرام شرعا، ولا ينبغي، ولا يليق، وينبغي عليك وعليها أن تتوبا إلى الله تعالى وتستغفرا منه، وألا تعودا لمثله أبدا، وأن تندما على فعل ذلك.

وأنا أحب أن أقول لك: لا يستبعد أبدا -أخي الكريم- أن الله يحرمك منها في آخر لحظة ولا توفق للارتباط بها نتيجة لهذه المعاصي؛ لأن من تعجل الشيء قبل أوانه في الحرام عوقب بحرمانه، واعلم أن من عف نفسه عن شيء في الحرام ناله في الحلال.

فأنا أرى -بارك الله فيك- أن تتوقف عن هذه التصرفات غير الشرعية، وهي ليست زوجتك بحال من الأحوال، فهي أجنبية عنك وأنت أجنبي عنها، والذي بينك وبينها مجرد وعد بالزواج وليس زواجا، فلا يحل لك شيء من هذا مطلقا، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن تاب تاب الله عليه.

أنا أفهم من رسالتك أنك رجل تحب الله ورسوله، وأنك رجل تفهم دينك، والدليل على ذلك أنك تسأل عن هذه الأمور؛ لأن هناك الكثير من الشباب الخاطبين لا يعبؤون بهذا الكلام ولا يفكرون فيه، ويظن فعلا أنها زوجته، وقد يمارس معها ما هو أكبر من ذلك، ولكن أنت رجل عاقل، إلا أنك ينبغي أن تعلم أن الخطبة لا تحل لك تقبيلا ولا مصافحة، ولا ملامسة، ولا جلوسا بمفردكما، ولا أي شيء من هذا، وحتى الجلسات العائلية تكون في أضيق الحدود؛ لأنه لا يباح لك النظر إليها أيضا، لأن النظر إليها الآن محرم، ونظرها إليك حرام، خاصة أنه يكون بشهوة، فالإسلام أباح لك النظر فقط لمجرد الرؤيا، وقد رأيتها الآن، وهي ابنة خالتك، وتعرف -كما ذكرت- عنها كل شيء.

ولذلك أرى - بارك الله فيك - أن تتوقف عن ذلك كله، إذا أردت أن يحفظها الله لك وأن يجعلها الله من نصيبك، فتوقف عن هذه التصرفات حتى عن الكلام المتعلق بالحب والعشق والهيام والرومانسية، وحتى التوقف عن التواصل بالتليفون ولو كان تواصلا عاديا، وإنما يكفيك فقط مجرد الرؤيا العادية، ما دمت مطمئنا إلى أنها في بيت أمين، وأنها تحافظ على نفسها، ولن يعتدي عليها أحد، ولن تتعرض لأي مضايقة من أحد.

فإذا توقف عن أي اتصال مطلقا حتى تتهيأ للزوج وحتى تتزوج بإذن الله تعالى، وإذا لم يتيسر لك ذلك فاعقد عليها -كما ذكرت لك- حتى إذا ما جالست معها أو لمستها كان ذلك من حقك، وليس في ذلك من حرج شرعي.

أسأل الله أن يعينك على ترك الحرام، وأن يبارك لك في الحلال، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يتوب علينا وعليكم، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات