السؤال
السلام عليكم
تعرض والدي لحادث سيارة أدى إلى حصول كسور عديدة جدا، وتم إدخاله إلى العناية، لدرجة أن المستشفى لم يوافق على علاجه، وظللت أبحث عن مستشفى تعالجه حتى وجدت، فكنت أقوم بالعناية به، وإطعامه، وتغيير ملابسه، وأقوم على حاجاته -لأن أمي مريضة، وأختي مشغولة في وظيفتها ولا تستطيع العناية بأبي- حتى استطاع القيام على رجله، وخرج من المستشفى بسلامة.
ولكن إخوة أبي أفهموه بأنهم هم من كانوا يرسلون النقود لعلاجه، وأنهم وقفوا إلى جانبه، ولكنهم في الواقع كانوا بالكاد يزورونه ويروه فقط ثم يذهبون، فلم أحتمل هذا الكذب، ووقفت أما أبي، وأخبرته بأنه لم يتعاف إلا بسبب عنايتي به، وأنني أنا من أوقفته على رجليه مرة أخرى.
فهل أكون بذلك قد خسرت ثواب كل شيء فعلته لأجل أبي؟ لأن ضميري يؤنبني على الرغم من اعتذاري له.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رضوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما قمت به نحو والدك واجب عليك وتؤجرين عليه، ولقد اختارك الله من بين الجميع لهذه المهمة، ولعلك ترين عاقبته في قادم أيامك، وأي عمل لا يقبله الله تعالى ما لم يكن خالصا لوجهه، والمن والرياء بالعمل يبطله كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذىٰ)، وفي الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)، وكلامك مع والدك إن كان من باب فضح الكذب وذكر الواقع مع عدم المن على والدك بما قمت به بل لتنالي رضاه ودعواته فليس في ذلك شيء -إن شاء الله-.
كرري له الاعتذار، واطلبي منه الدعاء، وبيني له أن ما قمت به لا يساوي عشر معشار ما قام به نحوك، فهو السبب في وجودك.
قومي بخدمته كما ينبغي، والتمسي رضاه، وادعي له، وتفقدي احتياجاته لتكسبي دعواته.
اخفضي له الجناح، وأليني له الكلام كما قال تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)، وقال: (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)، فطاعة الوالدين من طاعة الله، ولقد أمر الله بالإحسان إليهما فقال: (وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ۚ)، وقرن الإحسان إليهما بتوحيده فقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ۖ وبالوالدين إحسانا).
أكثري من الدعاء له ولوالدتك كما أمر الله تعالى: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).
أسأل الله تعالى أن يرزقك بر والديك، وأن يعطيك من الخير ما تتمنين ويصرف عنك الشر كله آمين.