أعاني من غربة الذات، فهل وجد له علاج؟

0 256

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا.

مشكلتي بدأت منذ خمس سنوات، تعرضت لخسارة أحد الأشخاص، وقد دخلت في حالة اكتئاب حاد لمدة أسبوعين أو أكثر، وبعد ذلك أصابتني حالة تسمى الغربة عن الذات، وكنت قد تواصلت معكم ووصفتم لي دواء من أجل الاكتئاب والقلق وتمارين الاسترخاء من أجل الغربة عن الذات، وقد شفيت -الحمد لله- من أعراض الاكتئاب نهائيا وأصبحت الأمور طبيعية ما عدا موضوع الغربة عن الذات ما زال يلازمني إلى هذه اللحظة، وقد قرأت الكثير عن هذا الموضوع ووجدت أن الغالبية العظمى ممن أصيب بهذه الحالة لم يشفوا بأدوية أو من دون أدوية، أنت وحظك إما أن تختفي وإما أن تبقى باقي عمرك بهذه الحالة.

لقد تأقلمت مع الواقع الجديد لدرجة أني نسيت كيف كنت سابقا قبل أن أصاب بهذه الحالة؛ لأن مدة خمس سنوات ليست قليلة، وهناك أشخاص أكثر مني بكثير، المهم أنكم وصفتم لي دواء زولوفت وقد استخدمته لمدة معينة على جرعات وصفتموها لي، والحمد لله استفدت كثيرا وانتهى الاكتئاب والقلق، وقد تركت الدواء منذ أكثر من ثلاث سنوات وكل الأمور كانت ممتازة، ولكن منذ حوالي السنة مرضت بالتهاب في الرئة، وأول طبيب سامحه الله لمح إلى إمكانية أن يكون لدي مرض خبيث من دون أن يرى أي تحليل أو أي شيء، فقط لمجرد صورة عادية أيضا وليس CT Scan.

وبعد هذا اتضح الأمر أنه التهاب بسيط في الرئة بسبب زكام أو لا أدري ماذا بالضبط، بالطبع رفعت قضية على الطبيب؛ لأنه دمر نفسيتي تماما، خصوصا أني كنت وقتها عمري 28 سنة فقط، وهذا الأمر أثر على عباداتي حيث أصبحت أهمل في الصلاة ولا أصليها في المسجد؛ لأني أخاف لا أدري لماذا! وأيضا منذ ذلك الحين أصابني وسواس من هذه الأمراض، فإذا آلمني بطني أعمل صورا وتحاليل، وإذا آلمني رأسي كذلك الأمر، ولكن الحمد لله مع المدة خفت حالة الوسوسة القهرية بشكل يتعدى 80 بالمئة، ولكن ما زلت أعاني قليلا منها ومنذ فترة دخلت حالة اكتئاب خفيفة وأصبحت لا أنام جيدا، وهو نوع من الخوف من الموت فجأة، ولكن كل هذا خف كثيرا.

سؤالي الأول هو: ما تحليلكم لما حصل معي؟ وهل أصبح هناك علاج أو إبرة أو أي شيء فعال للغربة عن الذات؟ لأنني منذ أربع سنوات توقفت عن البحث؛ لأني فقدت الأمل، ولأني حسب البحث الذي أجريته اتضح لي أن هذه الحالة عبارة عن تقلصات في مكان ما في الدماغ يستخدمها بحالة دفاعية.

السؤال الثاني: هل هناك علاج يخفف قليلا القلق والوسواس والخوف، علما أنه تأتيني نوبات، فبعض الأحيان تختفي عدة أشهر وتأتيني فجأة، ولكن بشكل خفيف خصوصا إذا أصبت بوجع في المعدة أو الصدر، وأصبحت أفكر كثيرا.

بالنسبة للعلاج أتمنى أن يكون خفيفا؛ لأني أذكر أن زولوفت وسيبرالكس كانوا يصيبوني باكتئاب خصوصا أول العلاج، ويصيبني النعاس والخمول، فإذا كان يوجد علاج خفيف وفعال وليس له أعراض جانبية فأفضل.

ملاحظة: لدي التهاب سابق في الرئة مع أني تعالجت، بالإضافة لمشكلة بالمعدة وهو ارتجاع المريء بسبب الأدوية التي تناولتها بسبب التهاب الرئة، فأرجو أن يكون الدواء خفيفا على المعدة، علما أني أعمل حماية للمعدة الآن.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: الحمد لله تعالى أن موضوع الرئة كان بسيطا، وقطعا الطبيب ليس لديه أي حق في أن يتحدث عن تشخيص بشع وفظيع دون أن تكون لديه ثوابت، وحتى إن كان هناك ثوابت لا بد أن يكون الطبيب حذقا وإنسانيا بالطريقة التي يوصل بها المعلومات.

عموما أخي الكريم: هذا الموضوع قد انتهى والجوانب النفسية التي لديك أنها شيء من قلق المخاوف الوسواسي قد أصابك كنتيجة لما سمعته من الطبيب، لكن فوق ذلك لا بد أن أوضح لك أنه أصلا لديك نوع من الاستعداد للقلق والخوف والوسوسة، وهذا يتولد عنه اكتئاب ثانوي.

الاستعداد ليس من الضروري أن يكون وراثيا، إنما في بعض الأحيان يكون مرتبطا بالبناء النفسي للإنسان، وقطعا البيئة تلعب دورا في تحريك الأعراض من خوف وقلق ووسوسة واكتئاب.

أنت إن شاء الله تعالى بخير، والحالة التي تعاني منها وهي اضطراب الأنية والتغرب عن الذات، حتى وإن كانت مزعجة فهي إن شاء الله بسيطة، وأنا أريد أن أؤكد لك حقيقة مهمة جدا، وهي أن تشخيص الغربة عن الذات ليس تشخيصا دقيقا في كثير من الحالات، وحتى المعايير التشخيصية التي وضعت عالميا واهية جدا، وهنالك أبحاث تدل أن هذه الحالة أو المتلازمة هي أصلا غير موجودة، وإنما هي فرية تشخيصية أتى بها بعض المختصين لحالات عجزوا عن التشخيص الحقيقي، وأعتقد من قال أن اضطراب الأنية أو التغرب عن الذات هو نوع من القلق النفسي قد يكون محقا تماما.

أخي الكريم: لا يوجد دواء معين يعالج هذه الحالة – إن وجدت – لكن أنا أنصحك بمراجعة الطبيب النفسي لمراجعة التشخيص، هذا مهم جدا، وكما ذكرت لك المعايير التشخيصية واهية وغير ثابتة ومتأرجحة وتختلف من مدرسة تخصصية إلى أخرى.

حالات استفادت كثيرا من عقار (زاناكس) والذي يعرف علميا باسم (ألبرازولام) لكن يعاب عليه أنه دواء قد يؤدي إلى التعود في بعض الأحيان.

ممارسة التمارين الاسترخائية والتمارين الرياضية باستمرار تخفف كثيرا من هذه العلة أو على الأقل تستحوذ تماما على الجانب القلقي مما يخفف وطأة الأعراض بصفة عامة. فيا أخي الكريم: اجعل هذه منهجيتك في العلاج.

بالنسبة لحالة الوسوسة الخفيفة التي تعاني منها: أنا أعتقد أن عقار (فافرين) بجرعة بسيطة جدا - وهي خمسين مليجراما – سيكون كافيا لك، لكن في بداية الأمر حاول أن تتناوله يوميا لمدة شهرين، ويفضل تناوله بعد الأكل، بعد ذلك اجعل الجرعة يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات